ـ[الحسن الهاشمي المختار]ــــــــ[26 - 10 - 2005, 10:07 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
آية سورة البقرة (عامة) تخاطب كل الناس، والناس قسمان:
1) قسم لهم كتب سماوية، وهم: الذين آمنوا بالإسلام والذين هادوا والنصارى.
2) قسم ليس لهم كتب سماوية وهم الصابئون، فكل ما عدا المسلمين واليهود والنصارى يعتبرون صابئين.
وحيث أن سورة البقرة هي أول سورة في القرآن بعد الفاتحة فإن الدعوة للهدى موجهة للناس جميعا، فوجب التأكيد ب (إن) لكل الناس: إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين ....
أما سورة النساء فإنها تخاطب خاصة من عندهم (ذكر) من الله بذلك وهم: الذين آمنوا (المسلمون)، والذين هادوا اليهود.
مثلا:
رجل تاجر يسكن بجوار عائلة مكونة: من أربعة إخوة:
الأول اسمه: رشيد. يشتغل في التجارة
الثاني اسمه: ماهر، هو أيضا يشتغل في التجارة.
الثالث اسمه: جاسم، يملك المال لكنه عاطل عن العمل.
الرابع اسمه: علان، يملك المال إلا أنه لا يحب التجارة وإنما يحب لعب القمار.
جارهم التاجر الناجح عرضت عليه صفقة تجارية كبرى مضمونة الربح، فأحب أن يعرض الأمر على الإخوة الأربعة ليشاركوه في المشروع ليسفيدوا من الربح، فأتاهم وخاطبهم جميعا كل واحد باسمه: إنك يا رشيد ويا ماهر وياجاسم ويا علان من يدخل معي في هذه الصفقة فإني أضمن له مكسبا جيدا.
التوكيد ب (إن) موجه للجميع لأنه يخاطبهم جميعا، وهذا هو (أول) عرض تجاري يعرضه عليهم.
استجاب رشيد وماهر لدعوة جارهم فشاركوه في التجارة وربحوا في تجارتهم، وجاءت فرصة لصفقة تجارية أخرى مضمونة الربح، فنادى الجار شريكيه رشيد وماهر باعتبارهما قد جربا صدق كلامه: إنك يا رشيد ويا ماهر لو دخلتم معي في هذه الصفقة فإني أضمن لكم الربح،
وأخواكم جاسم وعلان لو شاركا هما أيضا بأموالهما لنالا نصيبيهما من الربح.
إذن هنا يجب أن يكون التوكيد ب (إن) فقط للمخاطبين (رشيد وماهر)
، أما الغائب عن الحضور فلا يؤكد له ب (إن).
كذلك جاء التوكيد في سورة المائدة ب (إن) للمخاطب: الذين آمنوا والذين هادوا باعتبار القرآن والتوراة فيهما الأمر بذلك ولوجود من ينفذ الأمر.
أما (الصابئون والنصارى) فلم يوجد منهم من استجاب الأمر، فالآية تتكلم عنهم غيابيا، والغائب لا يؤكد له ب (إن)، إذن فكأن آية سورة المائدة تقول: إن الذين اّمنوا والذين هادوا من آمن بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون، والصابئون والنصارى من آمن منهم بالله واليوم الآخر وعمل صالحا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون).
نلاحظ هنا أن (النصارى) جاءت متأخرة عن (الصابئون) وذلك لأن كلمة (النصارى) لا تتأثر بحركات الإعراب، لو جاءت قبل (الصابئون) لما عرفناإن كان التوكيد ب (إن) يشملها أم لا فكان من الحكمة أن تسبقها (الصابئون) لنعلم أنها غير منصوبة بحرف التوكيد (إن).
وأيضا يجب أن تؤخر كلمة (النصارى) لأنهم أبعد ضلالا من الصابئين،
من الممكن أن تقنع صابئ بالدليل على وجود الله فيؤمن به لأنه لم يكن يعلم، أما النصراني فهو جاهل (يعلم قضية خاطئة ويحسب أنه على الحق)، فالصابئ الذي لا يعلم يرجى منه الهدى إذا علم، أما الجاهل فهو الأبعد ضلالا لأنه يدعي أنه يعلم.