ـ[الضاد1]ــــــــ[21 - 10 - 2005, 12:04 ص]ـ
وضُحَت الفكرة أخي العزيز لؤي
أشكرك الشكر الجزيل
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[21 - 10 - 2005, 04:40 م]ـ
شكرا للأخوة عمار ولؤي.
أخي لؤي: أما كان الأولى تقديم "والصابؤون"على الذين هادوا والنصارى، بدلا من توسطها بينهما؟
مع التحية
ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[22 - 10 - 2005, 07:08 ص]ـ
أخي عزّام
يظهر لي حسب قواعد الترتيب المعنوي أنّ اليهود أقرب بعقائدهم إلى المسلمين يليهم الصابئة أتباع سيدنا إبراهيم ويليهم النصارى
ما رأيك؟؟
ـ[عزام محمد ذيب الشريدة]ــــــــ[22 - 10 - 2005, 02:37 م]ـ
هذا ما كنت أريد الوصول إليه من السؤال أخي جمال، فهناك ترتيب معنوي، ولا يجوز تقديم "والصابؤون"على الذين هادوا، والاّية تترتب عدولا عن الأصل وليس بحسب الأصل، ولكن الأخ لؤي _على ما فهمته منه -يرى أن هذه الاية ليس فيها عدول عن الأصل، بل هي تتألف من جملتين، حذف خبر الاولى اكتفاء بالخبر في الثانية.
تحيتي لكم
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[24 - 10 - 2005, 02:21 ص]ـ
الاخوة الأعزاء ..
إن اختلاف ترتيب الفِرق الأربع في آية المائدة، من تقديم الصابئين على النصارى ورفعه هنا ونصبه في آية البقرة .. هو ترتيب ثان! َ ولا بدّ من الكشف عن السرّ الذي جاءت لأجله آية المائدة على الترتيب اللفظي المخالف لسورة البقرة، إذا كانت توافقها نيّة وحقيقة.
وعند الرجوع إلى ما ذكره المفسرون في هذا السر، نجد أن كثيراً منهم علّل ذلك بناءً على إعراب ((الصابئون)) الذي ذهب إليه سيبويه، وأنها مقدّمة من تأخير. وهذا ما أستشهد به أخونا عزام.
ولكن إذا كان هذا الذي ذكروه في تعليل ترتيب آية المائدة صحيحاً ومقبولاً، فإن السؤال الذي يطرح نفسه وينتظر إجابة، هو: لماذا لم تأت آية البقرة على نفس ترتيب آية المائدة لتحقّق ذلك المعنى؟ وما الحكمة من تأخير الصابئين في آية البقرة؟ وهذا ما لم نجد عنه إجابة عند أحد.
انظر مثلاً كيف يبرّر ابن الزبير الغرناطي ترتيب ذكر الفرق في سورة المائدة. يقول: " ثم قدّم ذكر الصابئين في سورة المائدة، وزيادة بيان للغرض المذكور في أنه لا ترتيب في الغاية الأخراوية إلا بنظر آخر لا بحسب الدنياوي والاشتراك فيما قبل الموافاة، بل المستجيب المؤمن من الكل مخلص، والمكذب متورط. ثم مراتب الجزاء بحسب الأعمال، فأوضح تقديم ذكر الصابئين في سورة المائدة ما ذكرناه.
فإن قلت: لم يقدم ذكرهم على الكل (كأنه يجيب هنا أخانا عزام)؟ قلت لا وجه لهذا لمكانة المؤمنين وشرفهم. فإن قلت: فهلا قُدّموا على يهود (كأنه يجيب هنا أخانا جمال)؟ قلت: قد كانت يهود أولى الناس بأن يكونوا في رعيل من المستجيبين، ومعهم جرى الكلام على مَن لم يؤمن منهم، وتردّدت فيهم عدّة آيات، وذلك ممّا يوجب تقديم ذكرهم على مَن عدا المؤمنين. فإن قلت: فالنصارى مثلهم (وكأنه يجيب هنا أخانا عزام من جديد)؟ قلت: النصارى أقرب إلى الصابئين من حيث التثليث وسوء نظرهم في ذلك وتصوّرهم. ثم إنهم لم يجر لهم ذِكر فيما تقدّم هذه الآية، بخلاف يهود. فبان من هذه الجهة تقديم يهود عليهم، وإن كان يهود شرّ الطائفتين " (ملاك التأويل: 1\ 220).
ثم يحاول الغرناطي تأكيد المعنى مرة ثانية بتعليل مجيء "الصابئون" مرفوعاً. وفي ذلك يقول: " إنه إنما ورد مرفوعاً تنبيهاً على الغرض المذكور، وتأكيداً للتسوية في الحكم، وإذا اتفقوا على الإيمان فنبّه التقديم على هذا كما تقدّم، وزاد القطع على الرفع تأكيداً، لأن قطع اللفظ عن الجريان على ما قبله محرك للفظ توجيهه، وهو عند سيبويه - رحمه الله - مقدَّم من تأخير (كما أشار الأخ عزام)، وكأنه لمّا ذكر حكم المذكورين سواهم قيل: والصابئون كذلك، أي: لا فرق بين الكل في الحكم الأخراوي، وهو على هذا التقدير أوضح شيء فيما ذكر.
وأما على طريقة الفراء ومَن قال بقوله من حمله على الموضع ففيه التقديم، وأن التحريك القطعي في اللفظ وإن لم يكن مقطوعاً في المعنى لا يكون إلا لإحراز معنى، وليس إلا ما تقدّم " (ملاك التأويل: 1\ 221).
وخلاصة ما يريد ابن الزبير أن يقوله: إن ترتيب ذكر الفرق في سورة البقرة كان بحسب حالهم الدنيوي. وعدم تأكيد هذا الترتيب بحرف المرتِّب إنما كان لحظاً لحالهم الأخروي حيث لا ترتيب هناك، لأن المؤمنين من الجميع موافون في الجنة على مراتبهم، والكافرين من الجميع موافون في النار على مراتبهم. ومما يؤكد هذا المعنى تقديم الصابئين في سورة المائدة، حيث يشير هذا التقديم إلى عدم اعتبار الترتيب لحظاً لحالهم الأخروي. ومما يؤكّد ذلك أيضاً مجيء "الصابئون" بالرفع، وأنها مقدّمة من تأخير كما هو رأي سيبويه، أي: والصابئون كذلك، أي: لا فرق بين الكل في الحكم الأخراوي.
ولكن هذا القول فيه تكلّف واضح، وبخاصّة عندما يحاول ابن الزبير تعليل تقديم الصابئين على النصارى دون بقيّة الفرق من الذين آمنوا والذين هادوا، مما يجعل ما انتهى إليه موضع نظر. ومما يؤكّد ذلك أنه لا تظهر حكمة لاختلاف الترتيب بين آيتي البقرة والمائدة، كما لا تظهر حكمة مجيء "الصابئون" بالرفع في سورة المائدة دون البقرة.
والحقيقة أن الكلام في ترتيب ذكر الفرق في آية المائدة مرتبط ارتباطاً وثيقاً بإعراب "الصابئون". ولعلماء العربية في إعرابها أقوال كثيرة، منها ما ذكرناه عن سيبويه والخليل ونحاة البصرة الذين اعتبروها مقدّمة من تأخير. ومنها أقوال أخر تدلّ على مدى اضطرابهم في إعراب هذه الكلمة، حتى أنني وجدت سبعة أوجه لإعراب هذه الكلمة عند النحاة.
ويبدو لي أن ما ذهب إليه الأخفش والمبرد من أن خبر "إنِّ" محذوف مضمر دلّ عليه الثاني وأن عطف "الصابئون" أتى بعد تمام الكلام وانقضاء اسم "إنِّ" وخبرها، هو أبعد الأقوال من التكلّف، وأقربها مراعاة للنظم، وأرجحها في المعنى، ولا يرد عليه ما أورد عليه من إشكالات. وهذا ما بيّنته في مداخلاتي أعلاه.
والله أعلم
¥