تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إنّ موضوع جمع القرآن من الموضوعات التي أُثيرت حولها الشبهات، ودُسَّت فيها الروايات، وتذرّع بها القائلون بالتحريف فزعموا أنّ في القرآن تحريفاً وتغييراً، وأنّ كيفية جمعه بعد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) مستلزمةٌ في العادة لوقوع هذا التحريف والتغيير فيه، حيثُ إنّ العادة تقتضي فوات شيءٍ منه على المتصدّي لذلك إذا كان غير معصوم.

قال الرافعي: «ذهب جماعة من أهل الكلام ممّن لا صناعة لهم إلاّ الظنّ والتأويل واستخراج الاَساليب الجدلية من كلِّ حكمٍ ومن كلِّ قول إلى جواز أن يكون قد سقط عنهم من القرآن شيءٌ حملاً على ماوصفوه من كيفية جمعه» (1).

إنّ امتداد زمان جمع القرآن إلى مابعد حروب اليمامة، كما نطقت به الروايات، وتضارب الاَخبار الواصفة لطريقة جمعه، أثارا الشبهة لدى الكثيرين، فعن الثوري أنّه قال: «بلغنا أنّ أُناساً من أصحاب النبي (صلى الله عليه واله وسلم) كانوا يقرأون القرآن، أُصيبوا يوم مسيلمة، فذهبت حروف من القرآن» (2).

إنّ حقيقة جمع القرآن في عهد الرسول الاَكرم (صلى الله عليه واله وسلم) تُعدّ من الحقائق التاريخية الناصعة، التي لا تحتاج إلى مزيد من البحث والاستقصاء وإثارة الشبهات، وتعدّ أيضاً ضرورةً ثابتةً تاريخياً دامغةً لكلّ الاَقاويل والشبهات، ولكل مادُسّ من الاَخبار والروايات حول هذه المسألة.


(1) اعجاز القرآن: 41.
(2) الدر المنثور 5: 179.

===============

(86)

===============

(87)

أدلّة جمع القرآن في زمان الرسول (صلى الله عليه واله وسلم)

أجمع علماء الاِمامية على أنّ القرآن كان مجموعاً على عهد رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) وأنّه (صلى الله عليه واله وسلم) لم يترك دنياه إلى آخرته إلاّ بعد أن عارض مافي صدره بما في صدور الحفظة الذين كانوا كثرة، وبما في مصاحف الذين جمعوا القرآن في عهده (صلى الله عليه واله وسلم)، وقد اعتُبِر ذلك بحكم ما علم ضرورة، ويوافقهم عليه جمعٌ كبيرٌ من علماء أهل السنة، وجميع الشواهد والاَدلة والروايات قائمةٌ على ذلك، واليك بعضها:
1 ـ اهتمام النبي (صلى الله عليه واله وسلم) والصحابة بحفظ القرآن وتعليمه وقراءته وتلاوة آياته بمجرد نزولها، وممّا روي من الحثّ على حفظه، قوله (صلى الله عليه واله وسلم): «من قرأ القرآن حتى يستظهره ويحفظه، أدخله الله الجنّة، وشفّعه في عشرة من أهل بيته كلّهم قد وجبت لهم النار» (1) وفي هذا المعنى وحول تعليم القرآن أحاديث لا تحصى كثرة، فعن عبادة بن الصامت قال: «كان الرجل إذا هاجره دفعه النبي (صلى الله عليه واله وسلم) إلى رجلٍ منّا يعلّمه القرآن، وكان لمسجد رسول الله ضجّة بتلاوة القرآن حتى أمرهم رسول الله (صلى الله عليه واله وسلم) أن يخفضوا أصواتهم لئلا يتغالطوا» (2).
وقد ازداد عدد حُفّاظ القرآن بشكل ملحوظ لتوفر الدواعي لحفظه،

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير