وعن أوس بن أبي أوس حذيفة الثقفي قال: كنت في الوفد الذين أسلموا من ثقيف. فذكر الحديث وفيه: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " طرأ عليِّ حزبي من القرآن فأردت ألا أخرج حتى أقضيه ". قال: فسألنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلنا: كيف تحزّبون القرآن؟ قالوا: " نحزّبه ثلاثَ سور وخمسَ سور وسبع وتسع وإحدى عشرة وثلاث عشرة وحزب المفصّل من (ق) حتى نختم " (رواه أبو داوود في باب تحزيب القرآن رقم 1393، وأخرجه ابن ماجة في إقامة الصلاة باب في كم يستحب أن يختم القرآن رقم 1345).
وعن أبي عبد الرحمن السلمي قال: كانت قراءة أبي بكر وعمر وعثمان وزيد بن ثابت والمهاجرين والأنصار واحدة. كانوا يقرؤون قراءة العامّة. وهي القراءة التي قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم على جبريل مرتين في العام الذي قُبض فيه. وكان على طول أيامه يقرأ مصحف عثمان رضي الله عنه ويتّخذه إماماً. ثم قال: وقرأ زيد بن ثابت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في العام الذي توفّاه الله فيه مرتين. وإنما سُمّيت هذه القراءة قراءة زيد بن ثابت لأنه كتبها لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأها عليه. وشهد العرضة الأخيرة. وكان يقريء الناس بها حتى مات. ولذلك اعتمده أبو بكر وعمر في جمعه وولاه عثمان كتبة المصاحف رضي الله عنهم أجمعين (شرح السُنّة: 4\ 525 - 526).
وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مما ينزل عليه من السور يذكر فيها كذا وكذا فإذا أنزلت عليه يقول: ضعوا هذه الآيات في موضع كذا وكذا. فإذا نزلت عليه السورة يقول: ضعوا هذه في موضع كذا وكذا (السنن الكبرى للبيهقي: 2\ 42).
وهناك من الروايات ما لا يُحصى .. ولئن شئت سقتها لك بالتفصيل. مع أن الروايات التي عرضتها لك صريحة جازمة بأن السور في مصاحفنا هذه على نفس الترتيب الذي كانت عليه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنه عليه الصلاة والسلام هو الذي حدّد لكل سورة مكانها في المصحف حسبما أمره جبريل عليه السلام.
أما رواية ابن مسعود رضي الله عنه، فوجه الدلالة فيها أن السور جاءت فيها نسقاً كما هي في المصحف الآن.
وأما رواية أوس فهي أيضاً واضحة في دلالتها .. فإن عدد السور من البقرة إلى الحجرات ثمانية وأربعون. ومجموع عدد السور المحزّبة في الرواية أيضاً ثمانية وأربعون. فهذه دلالة حاسمة على أن ترتيب السور لم يختلف شيئاً عما كان عليه في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم.
وأما رواية أبي عبد الرحمن السلمي، فهي تفيد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يجلس مع جبريل عليه السلام في كل رمضان وكان يقرأ عليه كل ما نزل عليه من القرآن. فلما كان عامه الأخير عرض عليه القرآن كله مرتين. وكانت العرضة الأخيرة تضمّ معهما زيدَ بن ثابت رضي الله عنه.
فهل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعرض السور على جبريل عليه السلام بدون ترتيب، وكان يسردها سرداً كيفما اتفق؟ أك كان هناك ترتيب محكم وحكيم يلتزمه في كل مرة؟ ثم إذا كان معهما زيد في العرضة الأخيرة، وسمع القرآن كله من رسول الله صلى الله عليه وسلم بترتيب خاصّ ونسق معيّن في سوره وآيه، فهل يتصوّر عنه أن يعدل عن ذلك الترتيب حين وُكّل إليه جمع القرآن في عهد أبي بكر رضي الله عنه؟
وأما الرواية الأخيرة وهي رواية عثمان رضي الله عنه، فهي أيضاً صريحة في هذا المعنى، فإنها تفيد أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي كان يبيّن موضع كل سورة في المصحف بعدما كان ينجلي عنه الوحي. وكان يبيّن حسبما كان يعلّمه شديد القوى عليه السلام.
وهذا كله يلزمنا أن نقول - وبكل طمأنينة: لم يكن في الأمة قط قرآن غير هذا القرآن. ولم يُعرف له ترتيب غير هذا الترتيب. فإن هذا الترتيب من عند الله، كما أن هذا القرآن من عند الله. ولو كره بعض المعاندين .. ولا أقول من الشيعة - كما تفضلتم - أخي حبيب .. بل أيضاً من المستشرقين عرباً ونصارى ويهود، وكل من أراد الطعن في مصدر القرآن الإلهي ..
ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[23 - 10 - 2005, 05:24 ص]ـ
"لقد بيّنت لك أن الذي جمع هذا القرآن هو الله تبارك وتعالى، قال عزّ من قائل: " إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ ". كما أنه سبحانه تكفّل بحفظه، قال تعالى جدّه: " إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ " (الحجر: 9). وهذا أمر لا نشكّ فيه ..
كما أن الله سبحانه وتعالى قدّر وشاء بحكمته أن يتمّ هذا الجمع على أيدي ملائكة البشر من بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم الصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين. فإن كنت أنت تشكّك في أحد منهم، فهذه مشكلتك، وليست مشكلتي."
[ line]
أخي لؤي
أن المشكلة الحقيقية أنهم يؤمنون بتحريف القرآن حتى ولو أنكروا، ثم هم يكفرون الصحابة حتى ولو جحدوا.
وهنا كل المشكلة
.
لذا لا يجدي معهم النقاش العلمي، ولقد بانت لهم الحقيقة فعموا وصموا.
والله المستعان.
¥