تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وكان رسول الله يعرض نفسه على قبائل العرب في كل موسم، ويكلم شريف كل قوم، لايسألهم إلا أن يؤووه ويمنعوه، ويقول: لا أكره أحداً منكم، إنما أريد أن تمنعوني مما يراد بي من القتل، حتى أبلغ رسالات ربي، فلم يقبله أحد، وكانوا يقولون: قوم الرجل أعلم به! انتهى.

كذلك نصت المصادر على أنه صلى الله عليه وآله طلب البيعة من الانصار، على حمايته وحماية أهل بيته مما يحمون أنفسهم وأهليهم .. ففي سيرة ابن هشام: 2

38: فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلا القرآن، ودعا الى الله، ورغب في الإسلام ثم قال: أبايعكم على أن تمنعوني مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم. قال فأخذ البراء بن معرور بيده، ثم قال: نعم والذي بعثك بالحق نبيا لنمعنك مما نمنع منه أزرنا، فبايعنا يا رسول الله، فنحن والله أبناء الحروب، وأهل الحلقة ورثناها كابرا عن كابر.

ـ ورواه في تاريخ الطبري: 2

92، وأسد الغابة: 1

174، وعيون الأثر: 1

217، وسيرة ابن كثير: 2

198، ورواه أحمد: 3

461، وقال عنه في مجمع الزوائد: 6

44: رواه أحمد والطبراني بنحوه، ورجال أحمد رجال الصحيح غير ابن اسحق وقد صرح بالسماع. ورواه في كنز العمال: 1

328، و 8

29

**


(134)
الى هنا يتسق الموضوع .. فقد طلب النبي صلى الله عليه وآله الحماية لتبليغ رسالة ربه على سنة الله تعالى في من مضى من الأنبياء عليهم السلام وحصل عليها من الأنصار، ونصره الله تعالى وهزم أعداءه من المشركين واليهود، وشملت دولته شبه الجزيرة العربية واليمن والبحرين وساحل الخليج، وامتدت الى أطراف الشام، وصار جيش الإسلام يهدد الروم في الشام وفلسطين .. وها هو صلى الله عليه وآله في السنة العاشرة يودع المسلمين في حجة الوداع، ويتلقى سورة المائدة ويتلقى فيها آية تأمره بالتبليغ وتطمئنه بالعصمة من الناس!!
فما عدا مما بدا، حتى نزل الأمر بالتبليغ في آخر التبليغ، وصار النبي صلى الله عليه وآله الآن وهو قائد الدولة القوية، بحاجة الى حماية وعصمة من الناس!!
إن الباحث ملزمٌ هنا أن يستبعد حاجة النبي صلى الله عليه وآله الى الحماية المادية، لأن الله تعالى أراد أن تجري بالأسباب الطبيعية، ووفرها على أحسن وجه .. فلا بد أن تكون العصمة في الآية من نوع الحماية المعنوية.
والباحث ملزمٌ ثانياً، أن يفسر الأمر بالتبليغ في الآية بأنه تبليغُ موضوعٍ ثقيلٍ على الناس .. وأن يفسر الناس الذين يثقل عليهم ذلك بالمنافقين من المسلمين، لأنه لم يبق أمرٌ ثقيلٌ على الكفار إلا وبلغه لهم، كما أنه لم يبلغهم أمراً بارزاً بعد نزول الآية.
وبهذا لا يبقى معنى للعصمة النازلة من عند الله تعالى، إلا العصمة من الطعن في نبوته، إذا بلغهم أن الحكم من بعده في أهل بيته صلى الله عليه وآله.
فبذلك فقط يتسق معنى الآية ويكون معناها:
يأيها الرسول: إنما أنت رسول مبلغ، ولست مسؤولاً عن النتيجة وما يحدث، بل هو من اختصاص ربك تعالى.
بلغ ما أنزل اليك من ربك: وأمرك به جبرئيل في علي، وحاولت تبليغه مرات في حجة الوداع، فشوش المنافقون عليك.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير