تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ارتاح ضمير النبي صلى الله عليه وآله بأنه بلغ رسالة ربه كما أمره .. وهذه هي الرسالة التي روى الحسن البصري أن الله أمر رسوله بها فضاق بها صدره، فتوعده ربه بالعذاب إن لم يبلغها، فخاف ربه وصدع بها .. ولكن الحسن البصري كما قال الراوي راوغ فيها وراغ عنها، ولم يخبرهم ما هي! وكل غلمان قريش إخوان الحسن البصري، من الفرس وغيرهم، يراوغون فيها وفي أمثالها، ويخفون ما أنزل الله تعالى في عترة نبيه صلى الله عليه وآله!

كان النبي صلى الله عليه وآله يفكر ربانياً بأعلى مستوى من البيعة .. يفكر على مستوى الأمر الإلَهي والإختيار الإلَهي، الذي لا خيرة فيه لأحد، ولا محل فيه للبيعة، إلا إذا طلبها من الناس النبي أو الوصي، فتجب.

فهذا هو منطق التبليغ، وحسب!

ولذلك لم يشاورهم النبي صلى الله عليه وآله في بيعة علي، لأن اختيار الله تعالى لا يحتاج الى مشورتهم، ولا بيعتهم، ولا رضاهم ..

لقد أمر الله تعالى رسوله صلى الله عليه وآله أن يشاورهم ليتألفهم، ويسيروا معه في الطريق الصحيح .. أما إذا عزمت فتوكل، ولا تسمع لكلام مخلوق لأنك تسير بهدى الخالق!


(234)
أما إذا عزم الله تعالى واختار للأمة ولياً بعد نبيه صلى الله عليه وآله، وقال لنبيه بلغ ولا تخف، ولست مسؤولاً عن إطاعة من أطاع ومعصية من عصى .. فهل يبقى للمشاورة محلٌّ من الإعراب! وهل يبقى للبيعة محلٌّ من الإعراب!
لقد طلب منهم الرسول صلى الله عليه وآله تهنئة علي عليه السلام إقراراً بالإختيار الإلَهي، وهي تهنئةٌ أقوى من البيعة، وألزم منها للأعناق .. ثم ليفعلوا بعدها ما يحلو لهم .. فإنما على النبي صلى الله عليه وآله أن يبلغهم، وحسابهم على من يملك كل الأوراق، ويملك الدنيا والآخرة، ويفعل ما يريد .. سبحانه وتعالى!
وتدل رواياتنا على أنه صلى الله عليه وآله طلب منهم مع التهنئة البيعة، فيكون معناها أنه طلب منهم أيضاً إعلان التزامهم بإطاعة علي عليه السلام .. فأعلنوا!
ولكن الأمر من ناحية شرعية وحقوقية، لا يختلف، سواء أمرهم النبي صلى الله عليه وآله ببيعة علي عليه السلام أم أمرهم بتهنئته فقط .. فإن تبليغ الولاية أقوى من التهنئة، والتهنئة أقوى من البيعة .. فالتبليغ اصطفاء، والتهنئة خضوع، والبيعة وعدٌ بالإلتزام.
لقد سكتت قريش آنياً بسبب أنها لم تكن حاضرةً كلها في الجحفة .. وبسبب عنصر المفاجأة، وظرف المكان والزمان.
ولعلها كانت تقنع نفسها بأن منطق التفكير النبوي يبقي لها مساحة للعمل ..
ذلك أن التبليغ وإتمام الحجة كلامٌ تركيٌّ عند قريش الناطقة بالضاد!
وحتى البيعة المأمور بها من النبي صلى الله عليه وآله يمكن لقريش أن تجعلها مثل المراسم الدينية الأخرى، وتجردها من معنى إمامة علي وقيادة عترة النبي صلى الله عليه وآله من بعده!
فالباب في تصور قريش مازال مفتوحاً أمامها للتصرف!!

المنطق النبوي حقق أهدافه وفضح قريشاً

نقلت المصادر السنية ندم الخليفة القرشي أبي بكر على إصداره أمراً بمهاجمة بيت علي وفاطمة عليهما السلام في اليوم الثاني أو الثالث لوفاة النبي صلى الله عليه وآله.

ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[24 - 10 - 2005, 12:07 ص]ـ
ـ ففي مجمع الزوائد: 5|202
عن عبدالرحمن بن عوف قال: دخلت على أبي بكر أعوده في مرضه الذي توفي فيه، فسلمت عليه وسألته: كيف أصبحت؟
فاستوى جالساً فقال: أصبحت بحمد الله بارئاً، فقال: أما إني على ما ترى وجع وجعلتم لي شغلاً مع وجعي!
جعلت لكم عهداً من بعدي، واخترت لكم خيركم في نفسي، فكلكم ورم لذلك أنفه، رجاء أن يكون الأمر له!
ورأيت الدنيا أقبلت، ولما تقبل، وهي خائنة، وستنجدون بيوتكم بستور الحرير ونضائد الديباج، وتألمون النوم على الصوف الأذربي، كأن أحدكم على حسك السعدان (يقصد أنكم من ترفكم سترون السجاد الأذربيجاني خشناً لمنامكم مثل الشوك).
والله لأن يقدم أحدكم فيضرب عنقه في غير حد، خير له من أن يسبح في غمرة الدنيا.
ثم قال: أما إني لا آسى على شيء إلا على ثلاث فعلتهن وددت أني لم أفعلهن، وثلاث لم أفعلهن وددت أني فعلتهن، وثلاث وددت أني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهن.
¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير