تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أكملت لكم دينكم .. قال: نزلت يوم عرفة في يوم جمعة، ثم تلا هذه الآية: فمن كان يرجو لقاء ربه ... وقال: إنها آخر آية نزلت .... تأديباً لرسول الله .. انتهى.

وقد التفت السيوطي الى أن كيل التناقض قد طفح لإبعاد آية إكمال الدين عن ختم القرآن، وحجة الوداع، وغدير خم .. فاستشكل في قبول قول معاوية وعمر! ولكنه مرَّ بذلك مروراً سريعاً، على عادتهم في التغطية والتستر والروغان!

قال في الإتقان: 1

102

من المشكل على ما تقدم قوله تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم، فإنها نزلت بعرفة في حجة الوداع وظاهرها إكمال جميع الفرائض والأحكام قبلها. وقد صرح بذلك جماعة منهم السدي، فقال: لم ينزل بعدها حلالٌ ولا حرامٌ، مع أنه ورد في آية الربا والدين والكلالة أنها نزلت بعدها!

وقد استشكل ذلك ابن جرير وقال: الأولى أن يتأول على أنه أكمل لهم الدين بإفرادهم بالبلد الحرام، وإجلاء المشركين عنه حتى حجه المسلمون، لا يخالطهم المشركون! انتهى.

ومعنى كلام ابن جرير الطبري الذي ارتضاه السيوطي: أن حل التناقض في كلام الصحابة بأن نقبله ونبعد إكمال الدين وإتمام النعمة عن التشريع وتنزيل الأحكام والفرائض، ونحصره بتحرير مكة فقط، حتى تسلم لنا أحاديث عمر عن الكلالة والربا وحديث معاوية في آخر آية في (تأديب النبي)!!

إنها فتوى تتكرر أمامك من العلماء السنيين بوجوب قبول كلام الصحابة ـ ماعدا أهل بيت النبي صلى الله عليه وآله ـ حتى لو استلزم ذلك تفريغ آيات الله تعالى وأحاديث رسوله من معانيها! فهم عملياً يعطون الصحابة درجة العصمة، بل يعطونهم حق النقض على كلام الله تعالى وكلام رسوله صلى الله عليه وآله، لأنهم يجعلون كلامهم حاكماً عليه!

ثم يفرضون عليك أن تقبل ذلك وتغمض عينيك، وتصمَّ سمعك عن صراخ ضحاياهم من الآيات الظاهرة والأحاديث الصحيحة!!


(256)
ونتيجة هذا المنطق: أن آية اليوم أكملت لكم دينكم ليست آخر آية، ولا سورتها آخر سورة، ولا معناها أكملت لكم الفرائض والأحكام، بل أكملت لكم فتح مكة!
وأن معنى (اليوم) في الآية ليس يوم نزول الآية، بل قبل سنتين من حجة الوداع!
وسوف تعرف أن الخليفة عمر أقر في جواب اليهودي بأن معنى اليوم في الآية: يوم نزولها، وليس يوم فتح مكة! بل قال القرطبي إن اليوم هنا بمعنى الساعة التي نزلت فيها الآية، كما سيأتي.

نص الآية الكريمة
يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلاً من ربهم ورضواناً، وإذا حللتم فاصطادوا، ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا، وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان، واتقوا الله إن الله شديد العقاب.
حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير وما أهل لغير الله به والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم، وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام، ذلكم فسق، اليوم يئس الذين كفروا من دينكم فلا تخشوهم واخشون ـ اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا ـ فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم. المائدة 2 ـ 3

**

آية إكمال الدين واللحوم المحرمة

أول ما يواجه الباحث في آية إكمال الدين غرابة مكانها في القرآن، فظاهر ما رواه المحدثون والمفسرون عنها، أنها نزلت في حجة الوداع آية مستقلة لا جزء آية .. ثم يجدها في القرآن جزءً من آية اللحوم المحرمة، وكأنها حشرت حشراً في وسطها، بحيث لو رفعنا آية إكمال الدين منها لما نقص من معناها شيء، بل لاتصل السياق!!

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير