تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثم .. قد يقبل الإنسان أن تكون الآية نزلت بعد آيات بيان أحكام اللحوم، ولكن كيف يمكن أن ينزلها الله تعالى في وسط أحكام اللحوم! فإذا قال الله تعالى: أكملت لكم دينكم، فقد تمت الأحكام، فكيف يقول بعدها مباشرة: فمن اضطر في مخمصةٍ غير متجانفٍ لإثمٍ فإن الله غفور رحيم؟! ثم يقول بعدها مباشرة: يسألونك ماذا أحل لهم، قل أحل لكم الطيبات وما علمتم .. . الى آخر أحكام الدين الذي قال عنه أحكم الحكماء سبحانه قبل لحظات: إنه قد أكمله وأتمه؟!!

ـ قال في الدر المنثور: 2

259:

وأخرج ابن جرير عن السدي في قوله: اليوم أكملت لكم دينكم قال: هذا نزل يوم عرفة، فلم ينزل بعدها حرامٌ ولا حلالٌ. انتهى.

ـ وقال في: 2

257

وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عباس .... فلما كان واقفاً بعرفات نزل عليه جبريل وهو رافع يده والمسلمون يدعون الله: اليوم أكملت لكم دينكم، يقول حلالكم وحرامكم، فلم ينزل بعد هذا حلالٌ ولا حرامٌ. انتهى.

والأحاديث والأقوال في عدم نزول أحكام بعد الآية كثيرة، وقد مر بعضها، ولا تحتاج الى استقصائها بعد أن كان ذلك يفهم من الآية نفسها .. ويؤيده ماذكره اللغويون في معنى الكمال والتمام


(258)
ـ قال الزبيدي في تاج العروس: 8|103:
(الكمال: التمام) وهما مترادفان كما وقع في الصحاح وغيره، وقد فرق بينهما بعض أرباب المعاني، وأوضحوا الكلام في قوله تعالى اليوم: أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي، وبسطه في العناية، وأوسع الكلام فيه البهاء السبكي في عروس الأفراح. وقيل: التمام الذي تجزأ منه أجزاؤه كما سيأتي، وفيه ثلاث لغات (كمل كنصر وكرم وعلم) قال الجوهري والكسر أردؤها، وزاد ابن عباد: كمل يكمل مثل ضرب يضرب، نقله الصاغاني (كمالاً وكمولاً فهو كامل وكميل) جاؤوا به على كمل.
وقال في ص 212: (وتمام الشىَ وتمامته وتتمته ما يتم به) وقال الفارسي: تمام الشىَ ماتم به بالفتح لا غير يحكيه عن أبي زيد. وتتمة كل شيء ما يكون تمام غايته، كقولك هذه الدراهم تمام هذه المائة، وتتمة هذه المائة.
قال شيخنا: وقد سبق في كمل أن التمام والكمال مترادفان عند المصنف وغيره، وأن جماعة يفرقون بينهما بما أشرنا اليه. وزعم العيني أن بينهما فرقا ظاهراً ولم يفصح عنه.
وقال جماعة: التمام الإتيان بما نقص من الناقص، والكمال الزيادة على التمام، فلا يفهم السامع عربياً أو غيره من رجل تام الخلق إلا أنه لا نقص في أعضائه، ويفهم من كامل، وخصه بمعنى زائد على التمام كالحسن والفضل الذاتي أو العرضي. فالكمال تمامٌ وزيادة، فهو أخص.
وقد يطلق كل على الآخر تجوزاً، وعليه قوله تعالى: اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي. كذا في كتاب التوكيد لابن أبي الإصبع.
وقيل التمام يستدعي سبق نقص، بخلاف الكمال. وقيل غير ذلك، مما حرره البهاء السبكي في عروس الأفراح، وابن الزملكاني في شرح التبيان، وغير واحد.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير