تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وموقف السيوطي هو الموقف العام للعلماء السنيين .. ولكنه لا يعني أنهم يضعفون حديث الغدير كما تقدم، بل يقولون إن حديث الغدير صحيحٌ، ولكن الآية نزلت قبل ذلك اليوم، تمسكاً بقول الخليفة عمر الذي روته صحاحهم، حتى لو خالفه حديثٌ صحيحٌ، وحتى لو خالفه الحساب والتاريخ!

ومن المتعصبين لرأي عمر المذكور: ابن كثير، وهذه خلاصة من تفسيره: 2

14:

قال أسباط عن السدي: نزلت هذه الآية يوم عرفة، ولم ينزل بعدها حلالٌ ولا حرامٌ. وقال ابن جرير وغير واحد: مات رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد يوم عرفة بأحد وثمانين يوماً، رواهما ابن جرير.

ثم ذكر ابن كثير رواية مسلم وأحمد والنسائي والترمذي المتقدمة وقال:

قال سفيان: وأشك كان يوم الجمعة أم لا: اليوم أكملت لكم دينكم الآية.

وشك سفيان رحمه الله إن كان في الرواية فهو تورُّعٌ، حيث شك هل أخبره شيخه بذلك أم لا، وإن كان شكاً في كون الوقوف في حجة الوداع كان يوم جمعة فهذا ما إخاله يصدر عن الثوري رحمه الله فإن هذا أمر معلومٌ مقطوعٌ به، لم يختلف فيه أحدٌ من أصحاب المغازي والسير ولا من الفقهاء، وقد وردت في ذلك أحاديث متواترة، لا يشك في صحتها، والله أعلم. وقد روى هذا الحديث من غير وجه عن عمر.

وقال ابن جرير ... عن قبيصة يعني ابن أبي ذئب قال: قال كعب لو أن غير هذه الاَمة نزلت عليهم هذه الآية لنظروا اليوم الذي أنزلت فيه عليهم فاتخذوه عيداً يجتمعون فيه!!

فقال عمر: أي آيةٍ يا كعب؟

فقال: اليوم أكملت لكم دينكم.

فقال عمر: قد علمت اليوم الذي أنزلت والمكان الذي أنزلت فيه، نزلت في يوم الجمعة ويوم عرفة، وكلاهما بحمد الله لنا عيدٌ .... (ورواه في مختصر تاريخ دمشق 2 جزء 4

309)


(267)
وقال ابن جرير: .... حدثنا عمرو بن قيس السكوني أنه سمع معاوية بن أبي سفيان على المنبر ينتزع بهذه الآية: اليوم أكملت لكم دينكم حتى ختمها، فقال: نزلت في يوم عرفة، في يوم جمعة ...
وقال ابن جرير: وقد قيل ليس ذلك بيومٍ معلومٍ عند الناس!!
ثم روى من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله: اليوم أكملت لكم دينكم يقول ليس بيومٍ معلومٍ عند الناس. قال: وقد قيل إنها نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيره (الى) حجة الوداع.
ثم قال ابن كثير:
قلت: وقد روى ابن مردوية من طريق أبي هارون العبدي، عن أبي سعيد الخدري أنها نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم، حين قال لعلي: من كنت مولاه فعلي مولاه. ثم رواه عن أبي هريرة، وفيه أنه اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، يعني مرجعه عليه السلام من حجة الوداع.
ولا يصح لا هذا ولا هذا، بل الصواب الذي لا شك فيه ولا مرية، أنها أنزلت يوم عرفة وكان يوم جمعة، كما روى ذلك أمير المؤمنين عمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأول ملوك الاِسلام معاوية بن أبي سفيان، وترجمان القرآن عبد الله بن عباس، وسمرة بن جندب رضي الله عنه، وأرسله الشعبي، وقتادة بن دعامة، وشهر بن حوشب، وغير واحد من الاَئمة والعلماء، واختاره ابن جرير الطبري رحمه الله. انتهى.
وتلاحظ أن ابن كثير لا يريد الاِعتراف بوجود تشكيكٍ في أن يوم عرفة كان يوم جمعة، لاَن ذلك يخالف قول عمر، وقد صعب عليه تشكيك سفيان الثوري الصريح فالتفَّ عليه ليخربه!!
ومما يدل على أن الرواة كانوا في شكٍّ من أن يوم عرفات كن يوم جمعة ما رواه الطبري في تفسيره: 4|111 مما لم يذكره ابن كثير قال:

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير