تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ذكر من قال ذلك: حدثني المثنى قال: ثنا إسحاق قال: أخبرنا محمد بن حرب قال: ثنا ابن لهيعة، عن خالد بن أبي عمران، عن حنش عن ابن عباس: ولد نبيكم صلى الله عليه وآله يوم الاِثنين، وخرج من مكة يوم الاِثنين، ودخل المدينة يوم الاِثنين، وأنزلت سورة المائدة يوم الاِثنين: اليوم أكملت لكم دينكم، ورفع الذكر يوم الاِثنين.

ثم قال الطبري: وأولى الاَقوال في وقت نزول الآية القول الذي روي عن عمر بن الخطاب أنها نزلت يوم عرفة يوم جمعة، لصحة سنده وهي أسانيد غيره. انتهى.

الموقف العلمي في سبب نزول الآية

بإمكان الباحث أن يفتش عن الحقيقة في سبب نزول الآية في أحاديث حجة الوداع، لاَن هذا الوداع الرسولي المهيب قد تم بإعلانٍ ربانيٍّ مسبق، وإعدادٍ نبوي واسع .. وقد حضره مابين سبعين ألفاً الى مئة وعشرين ألفاً من المسلمين، ونقلوا العديد من من أحداث حجة الوداع، وأقوال النبي صلى الله عليه وآله وأفعاله فيها، بشىٍَ من التفصيل، ورووا أنه خطب في أثنائها خمس خطب أو أكثر .. وسجلوا يوم حركته من المدينة، والاَماكن التي مر عليها أو توقف فيها، ومتى دخل مكة، ومتى وكيف أدى المناسك .. ثم رووا حركة رجوعه وما صادفه فيها .. الى أن دخل الى المدينة المنورة وعاش فيها نحو شهرين بقية عمره الشريف صلى الله عليه وآله.


(269)
وعلى هذا، فإن عنصر التوقيت والتاريخ حاسمٌ في المسألة، وهو الذي يجب أن يكون مرجحاً للرأي الصحيح من الرأيين المتعارضين.
وعنصر التوقيت هنا يرجح قول أهل البيت عليهم السلام والروايات السنية الموافقة لهم، مضافاً الى المرجحات الاَخرى المنطقية، التي تنضم اليه كما يلي:
أولاً: أن التعارض هنا ليس بين حديثين أحدهما أصح سنداً وأكثر طرقاً كما توهموا .. بل هو تعارض بين حديث عن النبي صلى الله عليه وآله وبين قولٍ للخليفة عمر.
فإن الاَحاديث التي ضعفوها هي أحاديث نبوية مسندة، بينما أحاديث البخاري وغيره هي قول لعمر، لم يسنده الى النبي صلى الله عليه وآله!
فالباحث السني لا يكفيه أن يستدل بقول عمر في سبب نزول القرآن، ويردَّ به الحديث النبوي المتضمن سبب النزول، بل لا بد له أن يبحث في سند الحديث ونصه، فإن صح عنده فعليه أن يأخذ به ويترك قول عمر .. وإن لم يصح رجع الى أقوال الصحابة المتعارضة، وجمع بين الموثوق منها أِن أمكن الجمع، وإلا رجح بعضها وأخذ به، وترك الباقي .. ولكنهم لم يفعلوا ذلك مع الاَسف!
ثانياً: لو تنزلنا وقلنا إن أحاديث أهل البيت عليهم السلام في سبب نزول الآية والاَحاديث السنية المؤيدة لها ليست أكثر من رأي لاَهل البيت ومن أيدهم في ذلك، وأن التعارض يصير بين قولين لصحابيين في سبب النزول، أو بين قول صحابي وقول بعض أئمة أهل البيت عليهم السلام.
فنقول: إن النبي صلى الله عليه وآله أوصى أمته بأخذ الدين من أهل بيته عليهم السلام ولم يوصها بأخذه من أصحابه .. وذلك في حديث الثقلين الصحيح المتواتر عند الجميع، وهو كما في مسند أحمد: 3|14: عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني تاركٌ فيكم الثقلين، أحدهما أكبر من الآخر: كتاب الله حبلٌ ممدود من السماء الى الاَرض، وعترتي أهل بيتي، وإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض. انتهى.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير