تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(101) قال المصنف في الكشاف 3: 251: وفي قراءة ابن مسعود: «النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم»، وقال القرطبي في الجامع لاحكام القرآن 14: 123: ثم إن في مصحف ابي بن كعب

==

(234)

في الدارين من مزايا الاثرة ولتقديم في الدارين من مزايا الاثرة والتقديم، ووضع في يديه من نواصي التفضيل والتكريم، والثواب الذي لم يعرف إلا هو كنهه، ولم يعط إلا الملك شبهه، ومن جملة الكوثر ما اختصه به من النهر الذي حاله المسك (102)، ورضراضه التوم (103)، وعلى حافاته من أواني الذهب والفضة ما لا يعاده النجوم.

ثم تبصر كيف نكت في كل شيء تنكيتا، يترك المنطيق سكيتا، حيث بنى الفعل على المبتدأ فدل على الخصوصية، وجمع ضمير المتكلم فأذن بعظم الربوبية، وصدر الجملة المؤخرة على المخاطب أعظم القسم، بحرف التأكيد الجاري مجرى القسم، ما ورد الفعل بالفظ الماضي، على أن الكوثر لم يتناول عطاء العاجلة دون عطاء الآجلة، دلالة على أن المتوقع من سيب (104) الكريم في حكم الواقع، والمترقب من نعمائه بمنزلة الثابت النافع. وجاء بالكوثر محذوف الموصوف، لان المثبت ليس فيه ما في المحذوف من فرط الابهام والشياع، والتناول على طريق الاتساع، واختار الصفة المؤذنة بافراط الكثرة، المترجمة عن المعطيات الدثرة، ثم بهذه الصفة مصدرة باللام المعرفة، لتكون لما يوصف بها شاملة، وفي إعطاء معنى الكثرة كاملة.

وعقب ذلك بفاء التعقيب، مستعارة لمعنى التسبيب، يشتقها معنيان، صح تسبيب الانعام بالعطاء الاكثر، للقيام بما يضاهيه من الشكر الاوفر، وتسليمه


==
«وأزواجه امهاتهم وهو أب لهم» وقرأ ابن عباس «من أنفسهم وهو أب [لهم] وأزواجه [أمهاتهم]».
وقال الطبرسي في مجمع البيان 4: 338: وروي أن النبي صلى الله عليه وآله لما أراد غزوة تبوك، وأمر الناس بالخروج، قال قوم: نستأذن آباءنا وامهاتنا فنزلت هذه الآية.
وروي عن ابي وابن مسعود وابن عباس أنهم كانوا يقرؤون «النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه امهاتهم وهو أب لهم» وكذلك هو في مصحف اُبَيٌ، وروي ذلك عن أبي جعفر وأبي عبد الله عليهما السلام.
(102) حاله المسك: أي طينه المسك. «النهاية ـ حول ـ 1: 464». (103) الرٌضْراض: الحصى الصغار، والتوم: الدر. «النهاية ـ رضرض ـ 2: 229». (104) السيب: العطاء. «الصحاح ـ سيب ـ 1: 150».

(235)

لترك المبالاة بقول ابن وائل، وامتثال قول الله عز من قائل، وقصد باللامين (105) التعريف بدين العاص وأشباهه، ممن كانت عبادته ونحره لغير إلهه، وتثبيت قدمي رسول الله على صراطه المستقيم، وإخلاصه العبادة لوجهه الكريم، وأشار بهاتين العبادتين إلى نوعي العبادات، وصنفي الطاعات، أعني الاعمال البدنية التي الصلاة إمامها، والمالية التي نحر البدن سنامها، ونبه على ما لرسول الله من الاختصاص بالصلاة التي جعلت لعينه قرة (106) وبنحر البدن التي كانت همته بها المشمخرة.
روينا بالاسناد الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى مائة بدنة فيها جمل لابي جهل في أنفه برة (107) من ذهب (108). وحذف اللام الاخرى لدلالته عليها بالاولى، مع مراعاة حق التسجيع، الذي هو من جملة صنعة البديع، إذا ساقه قائله مساقا مطبوعا، ولم يكن متكلفا أو مصنوعا، كما ترى اسجاع القرآن وبعدها عن التعسف، وبراءتها من التكلف.
وقال: «لربك»، وفيه حسنان، وروده على طريقة الالتفات (109) التي هي ام من الامهات، وصرف الكلام عن لفظ المضمر إلى لفظ المظهر، وفيه إظهار لكبرياء شأنه، وانافة لعزة سلطانه، ومنه أخذ الخلفاء قولهم: يأمرك أمير المؤمنين بالسمع والطاعة، وينهاك أمير المؤمنين عن مخالفة الجماعة.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير