تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

(109) قال ابن حمزه العلوي في الطراز 2: 132: الالتفات: هو العدول من اسلوب في الكلام إلى اسلوب آخر مخالف للاول، وهذا أحسن من قولنا: هو العدول من غيبة إلى خطاب، ومن خطاب إلى غيبة، لان الاول يعم سائر الالتفاتات كلها، والحد الثاني إنما هو مقصور على الغيبة والخطاب لاغير، ولا شك ان الالتفات قد يكون من الماضي إلى المضارع وقد يكون على عكس ذلك فلهذا كان الحد الاول هو أقوى دون غيره.

(236)

وعن عمر بن الخطاب (رض) أنه حين خطب الازدية أتى أهلها فقال لهم: خطب إليكم سيد شباب قريش مروان بن الحكم، وسيد أهل المشرق حسن بن بجيلة ويخطب إليكم أمير المؤمنين ـ عنى نفسه ـ.

وعلم بهذه الصفة أن من حق العبادة أن يخص بها العباد ربهم ومالكهم، ومن يتولى معايشهم ومهالكم، وعرض بخطأ من سفه نفسه ونقض قضية لبه، وعبد مربوبا وترك عبادة ربه.

وقال: «إن شانئك» فعلل الامر بالاقبال على شانه، وقلة الاحتفال بشنآنه، على سبيل الاستئناف، الذي هو جنس حسن الموقع رائعه، وقد كثرت في التنزيل مواقعه، ويتجه أن يجعلها جملة للاعتراض، مرسلة إرسال الحكمة لخاتمة الاغراض، كقوله تعالى: «إن خير من استأجرت القوي الامين» (110).

وعنى بالشانئ السهمي المرمي بسهمه، وإنما ذكره بصفته لاباسمه، ليتناول كل من كان في مثال حاله، من كيده بدين الحق ومحاله، وفيه أنه لم يتوجه بقلبه إلى الصدق، ولم يقصد به الافصاح عن الحق، ولم ينطق إلا عن الشنآن الذي هو توأم البغي والحسد، وعن البغضاء التي هي نتيجة الغيظ والحرد (111)، وكذلك وسمه بما ينبئ عن المقت الاشد، ويدل على حنق الخصم الالد، وعرف الخبر ليتم له البتر، كأنه الجمهور (112) الذي يقال له الصنبور، وأقحم الفصل لبيان أنه المعين لهذه النقيصة، وأنه المشخص لهذه الغميصة (113)، وذلك كله مع علو مطلعها، وتمام مقطعها (114)، ومجاوبة عجزها لهاديتها (115)،


(110) سورة القصص 28: 26.
(111) الحرد: الغضب. «تاج العروس ـ حرد ـ 2: 334».
(112) كذا.
(113) يقال: اغتمصت فلانا اغتماصا: احتقرته «لسان العرب ـ غمص ـ 7: 61».
(114) مقاطع القرآن: مواضع الوقوف.
(115) في الحديث: «طلعت هوادي الخيل» يعني أوائلها، والهادي والهادية: العنق؛ لانها تتقدم على البدن، ولانها تهدي الجسد. «النهاية ـ هذا ـ 5: 255».

(237)

وسبيبها (116) لناصيتها، واتصافها بما هو طراز الامر كله من مجيئها، مع كونها مشحونة بالنكت الجلائل، مكتنزة بالمحاسن غير القلائل، خالية من تصنع من يتناول التنكيت، وتعمل من يتعاطى بمحاجته التبكيت (117)، وكأنها كلام من يرمي به على عواهنه، ولا يتعمد إلى إبلاغ نكته ومحاسنه، ولا يلقاك ذلك إلا في كلام رب العالمين، ومدبر الكلام والمتكلمين، فسبحان من لو أنزل هذه الواحدة وحدها، ولم ينزل ما قبلها وما بعدها، لكفى بها آية تغمر الاذهان، ومعجزة توجب الاذعان، فكيف بما أنزل من السبع الطوال، وما وراءها إلى المفصل (118)، والمفصل، يالها من معجزة كم معجزات في طيها، عند كل ثلاث آيات تقر الالسن بعيها، لو أراد الثقلان تسلية المغيظ المحنق؛ لاخذت من أفاصحهم بالمخنق، إن هموا بإنشاء سورة توازيها، وثلاث آيات تدانيها. هيهات قبل ذلك يشيب الغراب، ويسيب الماء كالسراب.
ودع عنك حديث الصرفة (119)، فما الصرفة إلا صفرة (120) من النظام، وفهة (121) منه في الاسلام، ولقد ردت على النظام صفرته، كما ردت عليه طفرته، ولو صح ماقاله لوجب في حكمة الله البالغة، وحجته الدامغة أن ينزله على أرك نمط وأنزله، وأفسل (122) اسلوب وأسفله، وأعراه من حلل البلاغة وحليها،

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير