تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فقد ذهب بعضهم في معنى ذلك أنه دعاء الى الله وتوجه إليه بأن: ثبتنا بألطافك، وزد من عصمك وتوفيقك، كي لا نزيغ بعد إذ هديتنا، فنكون زائغين في حكمك، ونستحق أن تسمينا بالزيغ وتدعونا به وتنسبنا إليه، لأنه لا يجوز أن يقال:

إن الله سبحانه أزاغهم إذ سماهم بالزيغ، وإن كانوا هم الفاعلين له، على مجاز اللغة، لا أنه تعالى أدخلهم في الزيغ، وقادهم الى الاعوجاج والميل، ولكنهم لما زاغوا عن أوامره، وعَنِدوا ما فرض الله من فرائضه، جاز أن يقال: قد أزاغهم كما قال سبحانه بالنسبة للسورة (فزادتهم رجسا الى رجسهم *) (1) وفيما اقتصه عن نوج عليه السلام (فلم يزدهم دعآءي إلاّ فرارا *) (2) أو يكون لما منعهم ألطافه وفوائده جاز أن يقال: أنه أزاغهم مجازا، وإن كان تعالى لم يرد إزاغتهم (3).

ولقد وقف الشريف الرضي (ت: 406 هـ) من هذه المدارك موقف الناقد الخبير، والفاحص الرائد، فأورد جملة من آراء العلماء في ذلك، وأفاض برأيه بعد إيرادها، وحملها على الاتساع في اللغة، والمجاز من القول، ورد المتشابه من الآي الى المحكم منها، وذهب في هذه الآية أن لا يكون معناها محمولا على ظاهره، لأنه يقودنا الى أن نقول: إن الله


(1) التوبة: 125.
(2) نوح: 6.
(3) ظ: الشريف الرضي، حقائق التأويل: 5/ 19.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير