تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فشبه سبحانه سلخ النهار من الليل، بسلخ جلد الشاة، والسلخ حقيقة إنما يستعمل في هذا المعنى ونظائره فكما كانت الشاة وجلدها ملتحمين ففك التحامهما بالسلخ، فأصبح كل منهما حقيقة قائمة بذاتها، فكذلك فك التحام الليل بالنهار فأصبح كل منهما حقيقة قائمة بذاتها، وأجرى على هذه العملية لفظ السلخ بلحاظ المشابهة بين الحقيقتين في الالتحام قبل السلخ والانفصال التام بعد السلخ، فكما هو هناك فهو هنا، وذلك جار على الاستعمال المجازي أيضا، ولكن بمنظور المشابهة، وهذه هي علاقة المشابهة التي تختص بالاستعارة، وما تقدم علاقة غير المشابهة التي تختص بالمجاز المرسل.

2 ـ انتشار المجاز اللغوي المرسل في القرآن

نحن في غنى عن القول بانتشار المجاز اللغوي المرسل في القرآن، فذلك أمر له دلائله وشواهده في القرآن العظيم، والسبب في هذا الذيوع وذلك الأنتشار، أن المجاز المرسل هو وسيلة العربية في إضافة المعاني الجديدة، وهو وسيلة اللغة في الإضاءة والتنوير، وهو طريق المبدعين في الإفاضة والبيان، وانتشار ذلك في القرآن دربة لأهل اللغة من وجه، ودليل على الإعجاز البياني من وجه آخر، ولعل في خصائص المجاز الفنية فيما سبق إشارة موحية بهذا الملحظ بالذات، ومعبرة عن هذا المدرك نفسه بما لا مزيد عليه.

وسترى في نماذج المجاز المرسل ووجوه علاقته في النقل عن الأصل اللغوي، كيف أن هذا المجاز قد تخطى حدود الدائرة اللغوية الى الدائرة الفنية، وكيف تجوز بالاتساع الى مناخ الغنى في المفردات والمعاني، وكيف استطاع فيه القرآن أن ينقل الذهن العربي الى أفق جديد، متمّيز بالابتكار ويمدّه بحياة لغوية ثانوية متسمة بالشمولية والإبداع.

كان سبيل هذه النظرات الصائبة هو المجاز اللغوي المرسل في


(1) يس: 37.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير