تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثم أقول لأخي الكريم عاشق اللغة العربية .. إن الدراسات البلاغية على كثرتها وتنوّعها سهلة صعبة في آن واحد ..

هي سهلة بوجود هذا الكمّ الهائل من الكتب والمؤلفات والدراسات التي عرضت إلى الناحية النظرية والناحية التطبيقية في مفهوم المنهج البلاغي.

وهي صعبة بالنسبة للدارس في العصر الراهن لأنه يحتاج مع تلك الدراسات إلى أن يقف على أصولها وصورتها العامّة، على أقلّ تقدير، حتى يتبيّن الخطوة التي يزيدها على من تقدّمه.

ومع هذا وذاك إلا أن البلاغة - كغيرها من العلوم - بحاجة إلى أدوات لإتقانها وفهمها نظرياً وتطبيقياً ..

فالفيزيائي - مثلاً - لا يمكنه أن يفهم الفيزياء ويمارسها دون أن يتقن أسس الرياضيات وقوانينها، فهي من أدواته .. وكذلك الطبيب فهو لا يمكنه أن يفهم الطب ويمارسه دون أن يتقن أسس التشريح، التي هي من أدواته .. وهكذا .. إذ إن كل صاحب مهنة بحاجة إلى أدوات تتيح له ممارسة عمله بدقة وإتقان ..

ولعلّ الذي يفرق البلاغة عن غيرها من العلوم أن فهمها وإتقانها منوط إلى حدّ كبير بتربية القدرة على الإحساس بعناصر الجمال في الكلام .. وما من شكّ أن هذه القدرة تتطلّب معرفة الفصيح والأفصح، والرشيق والأرشق، والجليّ والأجلى، والعليّ والأعلى من الكلام ..

وهذا أمر قد لا يُدرك إلا بالذوق .. والذوق طعمه لا ينحصر .. والفكرة فيه غير الحقائق العلمية الثابتة .. بل هو معانٍ وليدة الإحساس والشعور والعاطفة .. وهذه تشكّل بدورها قِبلة التعبير الأدبي الرفيع ..

ومن هنا يتجلّى مفهوم البلاغة من حيث اللغة، وهو أن يُقال: بلغت المكان إذا أشرفت عليه وإن لم تدخله .. لاحظ عبارة: "وإن لم تدخله"! فالبلاغة ميدان لا يُقطع إلا بسوابق الأذهان، ولا يُسلك إلا ببصائر البيان ..

فهي بحاجة إلى ملكة، ثم إلى معلّم تتلقّى عنه .. قال الشافعي رحمه الله:

أخي لن تنال العلم إلا بستةٍ --- سأنبيك عن تفصيلها ببيانِ

ذكاءٍ وحرصٍ واجتهادٍ وبلغةٍ --- وصحبة أستاذٍ وطول زمانِ

فصحبة الأستاذ قضيّة لا مفرّ منها لطالب أي علم.

ولعلّنا نستغلّ هذا الرابط فنضع فيه أسس علم البلاغة وفنونها وضروبها .. وأقترح أن نركّز أسبوعياً على فنّ مختار نقدّم له بإيجاز ونشرحه بضرب أمثلة من القرآن والأدب ..

ـ[# معاوية #]ــــــــ[03 - 12 - 2005, 02:54 م]ـ

شكر الله لأستاذنا لؤي الطيبي ..

ويالله ما أجمل العلم من أستاذ! ألتمس منك عودة برجاء.

تابع المنقول من محاضرات فضيلة الدكتورعبد الخالق الششتاوي- حفظه الله ..

مباحث علوم البلاغة تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

1 - قسم خاص بدراسة الصور الخيالية التي تعبر عن المعنى، مع عقد صلة بين شيئين، مع ما تثيره في الذهن من ذكريات تجارب محسوسة، وهذا خاص بعلم البيان.

2 - دراسة خصائص التراكيب اللغوية من حيث دلالتها على المعنى ويدخل تحت هذا المفهوم كل ما يتعلق بحالة الكاتب أو المتكلم وموقفهما من القارئ والسامع، والعكس. وأخيرًا موقف جميع هؤلاء من الموضوع الذي يساق فيه الحديث. وهذا هو المقصود من كلام البلاغيين: مراعاة مقتضى الحال، وموافقة التركيب لمقتضى الحال- وهذا النوع خاص بعلم المعاني.

3 - دراسة خصائص الألفاظ من حيث التناسق بين الصوت والمعنى، وهذا يرجع إلى التضاد تارة، والتماثل تارة أخرى- وهذا النوع خاص بعلم البديع.

وعلم البديع يعلمنا التعرف على الوجوه والمزايا التي تكسب الكلام رونقًا.

وتكسوه حسنًا وجمالا، بعد مطابقته لمقتضى الحال، ووضوح دلالته.

ـ[موسى أحمد زغاري]ــــــــ[03 - 12 - 2005, 10:03 م]ـ

:::

السلام عليكم، وحيث أن أستاذنا لؤي قد ثبت هذا الموضوع المهم والحساس في آنٍ واحد، رأيت ان في المشاركة خير عميم، وبارك الله لأخينا عاشق اللغة العربية، ولأخينا معاوية. جهودهما في هذا الموضوع.

بادئ ذي بدء ليس من الصواب ان نُهَوِلَ من صعوبة البلاغة وفهم البلاغة، فإنما العلم بالتعلم، وكل علم له من الصعوبة والإغلاق على الأفهام حظه ونصيبه، وعلى الإنسان أن يشمر عن ساعد الجد، وان يجتهد لكي يصيب، ويستفيد.

وحيث أن البحث هو حول البلاغة، وفهمها، فإنني سأضرب صفحاً عن تعريف البلاغة، وكنهها، وغير ذلك من التعريفات وتوضيحات التعريفات، بسبب أنها قد تميل بالفهم عن جادة الصواب، وتضيف تعقيدات أُخرَ نحن في غنىً عنها، وكثرتها قد تكون إمارةً أخرى لدى البعض على صعوبة هذا العلم.

ودعونا لا نطيل، فالبلاغة في الأيجاز. إن نصوص البلاغة هي نصوص أدبية، فهي ليست نصوصاً فكرية أو سياسية أو فقهية، وعليه ينبغي لفهمها أسلوب خاص.

إنَّ النصوص الأدبية؛ نصوص موضوعة للذة وهزِّ المشاعر، وإن حوت معارف يستفيد منها العقل، ولذلك هي تُعنى بالألفاظ والتراكيب أكثر من عنايتها بالمعاني. والمعاني وإن كانت لا بد أن تكون مقصودة للشاعر والأديب، ولكن القصد الأول هو الألفاظ والتراكيب.

صحيح أن الألفاظ تدل على معانٍ، ولكن الشاعر والأديب يصبُّ جهده على الألفاظ والتراكيب لأداء هذه المعاني.

صحيحٌ أنهم يقولون أن البلاغة هي: المعنى الجميل في اللفظ الجميل والتركيب الجميل. ولكن الشاعر والأديب وإن عنى نفسه بتصيد المعاني، ولكنه يتصيدها من أجل أن يصوغها في لفظ جميل وتركيب جميل. فاللفظ والتركيب أو صياغة المعاني إنما هي في الصورة التي يخرج بها هذا المعنى، في ذلك اللفظ أو التركيب.

يتبع ...............

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير