تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[04 - 01 - 2006, 12:07 ص]ـ

السلام عليكم

وعليه فإن الضمير المفرد، وهو "الهاء" فى "يُرضوه" يعود لرب العزة سبحانه وتعالى. والله أعلم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته ..

أحسنت أخي سليم ..

زادك الله علماً ونوراً ..

ففي نظم هذه الآية الكريمة لمحة قرآنية عظيمة ترتبط بعقيدة التوحيد ..

ولنسأل: متى يُثنَّى المعدود، ومتى يجمع، ومتى يظلّ مفرداً؟

الشرط في تثنية المعدود وجمعه هو التجانس بين الأفراد فى الواقع ..

فـ (قَلَم) يثنى، فيقال: قلمان .. ويجمع، فيقال: أقلام.

لكن الرجل - مثلاً - لا يُثنّى مع القلم ولا يُجمع، لأنك لو ثنيت القلم والرجل، فقلت قلمان، أو رجلان، وأنت تريد قلماً ورجلاً لم يفهم أحدٌ من العقلاء ما تريد.

وحتى الرجل والمرأة، وهما فردان بينهما تجانس من جهة، واختلاف من جهة أخرى، فإنك لا تستطيع أن تثنيهما فتقول: رجلان، أو تقول: امرأتان، وأنت تريد رجلاً وامرأة. فهذا لا يجوز لا عند العقلاء، ولا في الواقع الملموس ..

ومن هنا يمكننا أن نفهم السبب الذي من أجله جاء فى القرآن "أن يُرضوه" دون أن يُرضوهما .. وذلك لأنه ليس بين الله تعالى، وبين رسوله صلى الله عليه وسلم، ولا بين الله تعالى، وبين أىِّ شىء من مخلوقاته تجانس من أى نوع من الأنواع ..

فالله هو الفرد الصمد، الواحد الأحد، الذى لم يلد ولم يولد، هو الخالق البارئ المصوِّر، ليس له كفواً أحد، وليس كمثله شىء .. فى الوجود وغيره ..

من أجل هذا، فإن الله تعالى لا يُجمَع ولا يُثنَّى، لا فى ذاته ولا مع أحدٍ من خلقه .. وعلى هذا جرى بيان القرآن المعجز .. فلم يقل: والله ورسوله أحق أن يُرضوهما، لأن الله ليس فرداً من جنس الأفراد الذين ينتمى إليهم رسوله صلى الله عليه وسلم ..

بل هو فرد لا مثيل له فى الوجود أبداً، فلا يكون مع غيره ثاني اثنين، أو ثالث ثلاثة، تعالى الله عما يقول المشركون علوّاً كبيراً.

والتوحيد فى القرآن الكريم عقيدة متمكنة فى الواقع الخارجى مستقرة كل الاستقرار فى قلوب المؤمنين .. وهو - كذلك - عقيدة فى البيان القرآنى، فلم يأتِ الله تعالى فى لغة القرآن إلا واحداً أحداً ..

ونظير هذه الآية في القرآن الكريم، قوله تعالى في السورة نفسها: " أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ " (3) ..

فلم يقل: إن الله ورسوله بريئان من المشركين، لأن وصف الله تعالى بالبراءة من المشركين، وصف توحيدى تابع للواحد الأحد، الذى ليس كمثله شيء .. ولذلك قال: " أَنَّ اللّهَ بَرِيءٌ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ "، أي: ورسوله برئ منهم.

والذى دلّ على هذا، ما ذكره فى جانب الله أولاً. كما تقول: محمد - صلى الله عليه وسلم - (من أُولى العزم من الرسل، وموسى عليه السلام، أى: وموسى من أُولى العزم من الرسل .. فتثبت الوصف المحذوف لموسى عليه السلام، استناداً إلى ذكر ذلك الوصف خبراً عن الرسول صلى الله عليه وسلم ..

وفى سورة التوبة نفسها ورد كذلك قوله تعالى: " وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَا آتَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللّهِ رَاغِبُونَ " (59).

وفي هذه الآية الشريفة روعيت عقيدة التوحيد فى النظم القرآنى المعجز فى ثلاثة مواطن:

الأول: " مَا آتَاهُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ "، حيث عطف رسوله على اسم الجلالة الله، دون عود ضمير مثنى.

الثانى: " حَسْبُنَا اللّهُ "، دون عطف رسوله على اسم الجلالة. لأن الحسب لا يكون إلا لله تعالى.

الثالث: " سَيُؤْتِينَا اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ "، دون أن يثَنّي فيقول: من فضلهما.

فعُطِف " رسوله " بعد تمام الجملة الأولى. ثم حذف من جملة " ورسوله " ما دلّ عليه الكلام السابق، أى: وسيؤتينا رسوله من فضله.

وهذا هو التوحيد فى القرآن، دقة وإحكام، ومبالغة فى تنزيه الله عن المساوى والمثيل والكفء .. حتى فى اللفظ توحيد خالص نقي، مبرأ عن الشبهات المعنوية، ومبرأ عن الشبهات اللفظية.

ولم يرد فى القرآن الحكيم اسم يكون ثانياً لله، ولا اسم يكون ثالثاً لله، لا فى المعانى، ولا فى الألفاظ، وذلك هو التوحيد الخالص .. رسالة كل الرسل والأنبياء.

والخلاصة: أن فى الآية أسلوب الإيجاز البليغ لأن معناها هو: "والله أحق أن يُرضوه ورسوله أحق أن يرضوه" .. فحُذف "أحق أن يرضوه" من الأول، لدلالة الثانى "ورسوله أحق أن يرضوه" عليه.

وهذا فن من فنون البلاغة يُسمّى (الاحتباك) ..

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[04 - 01 - 2006, 12:09 ص]ـ

والتقدير عنده والله أحق أن يرضوه ورسوله أحق أن يرضوه

وهو المطلوب ..

بارك الله فيك - أخي موسى ..

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[04 - 01 - 2006, 12:13 ص]ـ

إن هذا من الأساليب المستخدمة عند العرب فهي تعيد الضمير للأقرب اختصاراً إذا كان المعنى فيه معروفا وواضحا، والالتباس عنه مرتفعا، فتكتفي بلفظ الواحد عن الاثنين للاختصار ولأمانها من وقوع الشبهة والارتياب، فأما إذا لم يكن الشيء معروفا وكان الالتباس عند أفراده متوهما لم يستعمل ذلك.

الأخ الفاضل أبا سنان ..

شكر الله لك مداخلتك القيّمة ...

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير