تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فمنهم من قال: هذا في الحلف واليمين , إذا حلف المؤمن على شيء سكنت قلوب المؤمنين إليه واطمأنت. ويروى هذا عن ابن عباس رضي الله عنهما. ومنهم من قال: بل هو ذكر العبد ربه بينه وبينه, يسكن إليه قلبه ويطمئن.

والقول الثاني: إن ذكر الله ههنا القرآن , وهو ذكره الذي أنزله على رسوله به طمأنينة قلوب المؤمنين , فإن القلب لا يطمئن إلا بالإيمان واليقين, ولا سبيل إلى حصول الإيمان واليقين إلا من القرآن, فإن سكون القلب وطمأنينته من يقينه واضطرابه وقلقه من شكه, والقرآن هو المحصل لليقين الدافع للشكوك والظنون والأوهام, فلا تطمئن قلوب المؤمنين إلا به , وهذا القول هو المختار. وكذلك القولان أيضًا في قوله تعالى (ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانًا فهو له قرين) [الزخرف: 36] , والصحيح أن ذكره الذي أنزله على رسوله وهو كتابه من أعرض عنه قيض الله له شيطانًا يضله ويصده عن السبيل , وهو يحسب أنه على هدى.

وكذلك القولان أيضًا في قوله تعالى: (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكًا ونحشره يوم القيامة أعمى) [طه: 124] , والصحيح أنه ذكره الذي أنزله على رسوله وهو كتابه, ولهذا يقول المعرض عنه: (رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرًا قال كذلك أتتنا آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى) [طه: 125 –126].

وأما تأويل من تأوله على الحلف ففي غاية البعد عن المقصود؛ فإن ذكر الله بالحلف يجري على لسان الصادق والكاذب والبر والفاجر, والمؤمنون تطمئن قلوبهم إلى الصادق وإن لم يحلف, ولا تطمئن قلوبهم إلى من يرتابون منه ولو حلف. وجعل الله الطمأنينة في قلوب المؤمنين ونفوسهم وجعل الغبطة والمدحة والبشارة بدخول الجنة لأهل الطمأنينة (فطوبى لهم وحسن مآب).

وعزاه إلى مدارج السالكين أيضًا جـ 2 صـ 283 (أي: المعلق).

باب الذكر على كل حال

قال تعالى: {إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب* الذين يذكرون الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلاً سبحانك فقنا عذاب النار} [آل عمران: 190 – 191].

وقال سبحانه: {فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قيامًا وقعودًا وعلى جنوبكم فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابًا موقوتًا} [النساء: 103].

(1) قال الإمام مسلم جـ4 ص 68 نووي:

حدثنا أبو كريب محمد بن العلاء وإبراهيم بن موسى قالا: حدثنا ابن أبي زائدة عن أبيه عن خالد بن سلمة عن البهي عن عروة عن عائشة قالت: (كان النبي صلى الله عليه وسلم يذكر الله على كل أحيانه) حسن (3).

ورواه البخاري معلقًا جـ1 ص 407, جـ2 ص114 فتح, وأبو داود جـ1 ص 24, وابن ماجة رقم 302, والترمذي جـ9 ص 325 وقال: حسن غريب, وأبو عوانة جـ1 ص 217.


(3) على رأي من يقبل عنعنات الصحيحين وهما ابن الصلاح والنووي
باب فضل الذكر
(2) قال الإمام مسلم جـ 17 ص4:
حدثنا أمية بن بسطام العيشي حدثنا يزيد -يعنى ابن زريع- حدثنا روح بن القاسم عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير في طريق مكة فمر على جبل يقال له: جمدان، فقال: ((سيروا، هذا جمدان، سبق المفردون)) , قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: ((الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات)).
حسن
وأخرجه الترمذي تحفة جـ 10 ص 55 وقال: حسن صحيح.
(3) قال ابن ماجة 3790:
حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب ثنا المغيرة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن زياد بن أبي زياد مولى ابن عياش عن أبي بحرية عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأرضاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم, وخير لكم من إعطاء الذهب والوَرِق ومن أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟)) , قالوا: وما ذاك يا رسول الله قال؟ ((ذكر الله)).
حسن
وأخرجه الترمذي (4) جـ9 ص 317 تحفة.
(4) قال ابن ماجة 3793:
حدثنا أبو بكر ثنا زيد بن الحباب أخبرني معاوية بن صالح أخبرني عمرو بن قيس الكندي عن عبد الله بن بسر أن أعرابيًّا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن شرائع الإسلام قد كثرت عليَّ فأنبئني منها بشيء أتشبث به قال: ((لا يزال لسانك رطب من ذكر الله عز وجل)).
حسن
أخرجه الترمذي جـ9 ص314 تحفة، وقال: حسن غريب.
¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير