وخالف عبد العزيز بن رفيع، ابن جريج وعبد الله بن محمد بن صيفي، فرواه عن عطاء ابن أبي رباح، عن حزام بن حكيم، عن أبيه.
أخرجه ابن أبي شيبة (21328)، والنسائي في المجتبى (4603)، وفي الكبرى (6195)، والطبراني في الكبير (3110) من طريق أبي الأحوص سلام بن سليم، عن عبدالعزيز بن رفيع، عن عطاء بن أبي رباح، عن حزام بن حكيم، عن أبيه، ولفظه: «ابتعت طعاماً من طعام الصدقة، فربحت فيه قبل أن أقبضه، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك، فقال: لا تبعه حتى تقبضه».
وعبد العزيز بن رفيع ثقة لكن تفرده بذكر حزام بن حكيم، ومخالفته لابن جريج، وهو من أخص أصحاب عطاء، واختلاف الناس في حزام بن حكيم، يجعل هذا الطريق شاذاً، والله أعلم.
واللفظ في هذه الطرق أخص من لفظ يوسف بن ماهك عن عبد الله بن عصمة، لأن فيه النهي عن بيع الطعام حتى يستوفى، وهو أمر مجمع عليه لم يختلف فيه أحد.
قال ابن المنذر: أجمع العلماء على أن من اشترى طعاماً فلا يبعه حتى يقبضه، نقل ذلك ابن القيم، وقال: وحكي ذلك عن غير واحد من أهل العلم إجماعاً، انظر حاشية ابن القيم على سنن أبي داود (9/ 276).
فتلخص في لفظ الحديث ثلاثة ألفاظ:
الأول: في النهي عن بيع ما ليس عند البائع. وهذا إسناده منقطع، يوسف بن ماهك لم يسمع من حكيم بن حزام.
الثاني: النهي عن بيع الشيء قبل قبضه، وهذا من رواية يوسف بن ماهك، عن عبد الله ابن عصمة، عن حكيم بن حزام.
الثالث: النهي عن بيع الطعام حتى يستوفى، جاءت من ثلاثة طرق:
الطريق الأول: من رواية عطاء بن أبي رباح، عن عبدالله بن عصمة، عن حكيم بن حزام.
الطريق الثاني: ومن رواية عطاء بن أبي رباح، عن صفوان بن موهب، عن عبد الله بن محمد بن صيفي، عن حكيم بن حزام
الطريق الثالث: ومن رواية حزام بن حكيم، عن أبيه،
وعبد الله بن عصمة، قد اختلفوا فيه:
فقال فيه عبد الحق في أحكامه الوسطى (3/ 238): «عبد الله بن عصمة ضعيف جداً».
ولم يتعقب ابن القطان الفاسي عبد الحق في كتابه بيان الوهم والإيهام (310) بل قال في نفس الكتاب (2/ 320): مجهول.
ونقله الحافظ عنه في تهذيب التهذيب (5/ 281).
وقال ابن عبد الهادي في التنقيح (2/ 546): «رواه النسائي، ولكن في رجاله عبد الله ابن عصمة مجهول». اهـ
وقال ابن حزم في المحلى (8/ 519): «عبد الله بن عصمة متروك».
وقال الهيثمي في مجمع الزوائد على إسناد فيه عبد الله بن عصمة (9/ 124): «رواه أبو يعلى، ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن عصمة، وهو ثقة يخطئ». اهـ
وقال ابن عبد البر في الاستذكار: «وما أعلم لعبد الله بن عصمة جرحة إلا أنه ممن لم يرو عنه إلا رجل واحد، فهو مجهول عندهم، إلا أني أقول: إن كان معروفاً بالثقة والأمانة والعدالة فلا يضره إذا لم يرو عنه إلا واحد».
قلت: عبد الله بن عصمة روى عنه أكثر من واحد، منهم يوسف بن ماهك، وعطاء بن أبي رباح وصفوان بن موهب، وكلهم رووا حديث البيع على خلاف بينهم في لفظه.
كما أن هذا الكلام من ابن عبد البر لم يشف صدري لأنه علق الحكم بكونه لا يضره إذا لم يرو عنه إلا واحد بشرط أن يكون معروفاً بالثقة والأمانة والعدالة، وكيف نعرف هذه الأمور إلا إذا صدر ذلك من إمام من أئمة الجرح والتعديل بالتوثيق، وعبد الله بن عصمة لم يوثقه إمام معتبر، وأحاديثه قليلة جداً، وتوثيق الرواة ليس له إلا طريقان: الأول: أن ينص أحد أئمة الجرح والتعديل على أنه ثقة، وهذا غير متوفر هنا.
والطريق الثاني: أن ينظر في مروياته، وتقارن بمرويات غيره، فإذا وجد منه أنه يوافق الثقات في مروياته كان ذلك داعياً إلى الاطمئنان إلى مروياته، فأما إذا خالف الثقات، أو كانت مروياته يسيرة وقد تفرد فيها، فلا يوثق من هذا حاله، وصاحبنا هذا أحاديثه يسيرة جداً لا تكفي لسبر حاله عن طريق مروياته، والله أعلم.
وقال فيه الحافظ في التقريب: مقبول، يعني حيث يتابع، وإلا فلين الحديث، وقد توبع في هذا الحديث، فقد روى الحديث حزام بن حكيم عن أبيه، وسبق تخريجه إلا أن العلماء اختلفوا، هل لحكيم ولد يقال له حزام،
قال البخاري في التاريخ الكبير (3/ 116): «أنكر مصعب أن يكون لحكيم ابن يقال له حزام». اهـ ولم يتعقبه بشيء.
¥