توفين جعل ذلك زيادة في المسجد الذي يعم المسلمين نفعه كما فعل ذلك في الذي كان لهن من النفقات في تركه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما مضين لسبيلهن زيد إلى أصل المال فصرف في منافع المسلمين مما يعم جميعهم نفعه وفي حديثنا المذكور في أول هذا الباب {التمهيد 8/ 164 - 180}
هل بايع علي مع الناس أو تأخر إلى ستة أشهر؟
الذي ظهر لي أن عليا بايع ثم لازم فاطمة في مرضها حتى ظن البعض أنه لم يبايع خاصة إذا أضفنا لهذا تأخر علي والزبير حتى دعاهما أبو بكر كما في حديث أبي سعيد الذي سنذكره الآن، ويدل على أنه بايع أمور منها:
1_كون علي لم يبايع من إدراج تلاميذ الزهري بعد ما أضافه أثناء تحديثه. وليس من كلام عائشة.
2_أن عليا بايع مع الناس كما ذكر ذلك أبو سعيد الخدري وهو قد حضر الحادثة بخلاف الزهري فإنه لم يبين عمن حمل هذا.
3_على فرض أن عدم مبايعة علي من قول عائشة وليس من كلام الزهري، فإن حديث أبي سعيد مقدم لأن أبا سعيد حدث بما علم وعائشة حدثت بما علمت ومن علم حجة على من لم يعلم، وذلك أن عائشة لم تحضر، قال الحكمي: وهذا لا ينافي ما ذكر في بيعته إياه حين أرسل إليه لما افتقده ليلة السقيفة أو صبيحتها ولفظه لم يكن بايع تلك الأشهر إن كان من قول عائشة فلعلها لم تعلم بيعته الأولى التي أثبتها أبو سعيد وغيره لأن الرجال في مثل هذه المسألة أقوم وأعلم بها إذ لا يحضرها النساء وأيضا فقد قدمنا مرارا أن مجرد النفي لا يكون علما وعند المثبت زيادة علم انفرد بها عن النافي إذ آية ما عند النافي أنه لا يعلم ولعل عائشة تيقنت عدم حضوره بيعة السقيفة من العشي ولم يبلغها حضوره صبيحتها في البيعة العامة وإن كان هذا كلام بعض الرواة فهو بمجرد ما فهمه من البيعة الأخرى ظن أنه لم يبايع قبل ذلك مصرحا بظنه (ولم يكن بايع تلك الأشهر) {3/ 1137 معارج القبول}
قال الحافظ ابن كثير:
وقال الحافظ أبو بكر البيهقي أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الحافظ الإسفراييني حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ حدثنا أبو بكر محمد بن إسحق بن خزيمة وابن إبراهيم بن أبي طالب قالا حدثنا ميدار بن يسار وحدثنا أبو هشام المخزومي حدثنا وهيب حدثنا داود بن أبي هند حدثنا أبو نضرة عن أبي سعيد الخدري قال قبض رسول الله واجتمع الناس في دار سعد بن عبادة وفيهم أبو بكر وعمر قال فقام خطيب الانصار فقال أتعلمون أن رسول الله كان من المهاجرين وخليفته من المهاجرين ونحن كنا أنصار رسول الله ونحن أنصار خليفته كما كنا أنصاره قال فقام عمر بن الخطاب فقال صدق قائلكم أما لو قلتم على (غير) هذا لم نبايعكم وأخذ بيد أبي بكر وقال هذا صاحبكم فبايعوه فبايعه عمر وبايعه المهاجرون والأنصار قال فصعد أبو بكر المنبر فنظر في وجوه القوم فلم ير الزبير قال فدعا بالزبير فجاء فقال قلت ابن عمة رسول الله وحواريه أردت أن تشق عصا المسلمين فقال لا تثريب يا خليفة رسول الله فقام فبايعه ثم نظر في وجوه القوم فلم ير عليا فدعا بعلي بن أبي طالب فجاء فقال قلت ابن عم رسول الله وختنه على ابنته أردت أن تشق عصا المسلمين قال لا تثريب يا خليفة رسول الله فبايعه هذا أو معناه.
وقال أبو علي الحافظ سمعت محمد بن إسحق بن خزيمة يقول جاءني مسلم بن الحجاج فسألني عن هذا الحديث فكتبته له في رقعة وقرأته عليه، فقال: هذا حديث يسوى بدنة قلت: بل يسوى بدرة.
قال ابن كثير:
وهذا إسناد صحيح محفوظ من حديث أبي نضرة المنذر بن مالك بن قطعة عن أبي سعيد سعد بن مالك بن سنان الخدري وفيه فائدة جليلة وهي مبايعة علي بن أبي طالب أما في أول يوم أو في اليوم الثاني من الوفاة وهذا حق فان علي بن أبي طالب لم يفارق الصديق في وقت من الأوقات ولم ينقطع في صلاة من الصلوات خلفه.
البداية والنهاية {5/ 248، 249}.تاريخ دمشق 30/ 277 في أسماء آباء العبادلة
رأي شيخنا عثمان الخميس في الموضوع وهي الخلاصه مما سبق
تبين من رواية أبي سعيد الخدري، وبعد النظر في طرق حديث عائشة، ومن خلال الجدول يتبين أن صالحا وشعيبا وعقيلا ومعمرا من أوثق من روى عن الزهري وهم متقاربون جدا - وأما رواية الوليد فلا تعويل عليها لضعفه - وعليه فالذي أراه أن الاضطراب الذي وقع في هذا الحديث إنما هو بسبب الزهري.
وعليه يكون الزهري حدث بهذا الحديث أكثر من مرة وفي أكثر من مجلس، وكان يعلق ويشرح ويضيف فيظن البعض أنه من الحديث فيضيفه إلى عائشة، ورواية معمر ظاهرة في ذلك جدا، وبناء على ذلك يكون ما ذكر من غضب فاطمة وهجرها لأبي بكر وعدم مبايعة علي مدرجا وليس من كلام عائشة، ويزيد هذا بيانا ما جاء من حديث أبي هريرة وفيه أنه ذكر الامتناع عن الكلام فقط وليس فيه ذكر الهجر ولا الغضب، ومر بنا تفسير الترمذي لقولها والله لا أكلمكما أي في الميراث مرة ثانية مما يدل على قبولها والله أعلم.
هذا ما كتبه شيخنا
ومن له تعقيب فلا يبخل علينا وجزاكم الله خير
¥