تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ابن تيمية وكذلك ذهب قبله ابن حزم وابن خزيمة في كتابه الصحيح على أن من جامع في نهار رمضان يجب عليه الكفارة من غير قضاء وذلك أن القضاء يفتقر إلى دليل ولا دليل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يثبت عنه في هذا.

وكذلك لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في النهي عن الاكتحال في نهار رمضان وقد جاء في ذلك جملة من الأحاديث كلها معلولة

[الحديث الثادي والعشرون]

من ذلك ما رواه الإمام أحمد وغيره من حديث عبد الرحمن بن النعمان بن معاذ بن أوذه عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الاكتحال "ليتقي للصائم" والنعمان ووالده مجاهيل وعبد الرحمن ضعيف قد ضعفه يحيى بن معين وغيره.

[الحديث الثالث والعشرون]

وقد جاء في هذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رخص في الاكتحال للصائم عند الإمام الترمذي عليه رحمة الله تعالى في سننه من حديث أنس بن مالك أن النبي عليه الصلاة والسلام سئل أيكتحل الصائم؟ قال "نعم" وهذا الحديث منكر أيضا ففي إسناده أبو العاتكة وهو طريب بن سلمان وهو ضعيف. وقد روى الترمذي أيضا من حديث محمد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن جده ولا يصح أيضا فمحمد بن عبيد الله منكر الحديث كما قال ذلك أبو حاتم وغيره.

وعليه فلا يثبت في النهي ولا بالأمر بالاكتحال في نهار رمضان شيء ويبقى الأمر على أصله إن نفذ إلى الجوف فإنه يكون مفطرا.

[الحديث الرابع والعشرون]

ولا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في تفطير الصائم من القيء شيء وقد جاء في هذا حديث أبي هريرة عليه رضوان الله تعالى كما رواه الإمام أحمد وأهل السنن من حديث عيسى بن يونس عن هشام عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من ذرعه القيء –يعني غلبه- فليس عليه شيء وإن استقاء فليفطر" وهذا الخبر منكر قد أنكره عامة الأئمة من النقاد وغيرهم قد أعله الإمام البخاري والإمام أحمد والترمذي وأبو حاتم والدارقطني وذلك بتفرد عيسى بن يونس به عن هشام، يقول الدارمي "وزعم أهل البصرة أن هشاما قد وهم به" وقال ذلك أيضا إسحاق بن راهويه أن عيسى بن يونس قال قد وهم هشام فيه وبعضهم أعله بتفرد عيسى بن يونس به وهذا الذي عليه أكثر الحفاظ. ولا يثبت عن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر بقضاء اليوم الذي يستقي فيه الإنسان أو ذرعه القيء وأمثل ما جاء في هذا عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة عليه رضوان الله تعالى أنه قال "من قاء فليفطر" وقد أعله الإمام البخاري وقد روي عن أبي هريرة خلافه - أي خلاف المرفوع وخلاف الموقوف- قد جاء عن أبي هريرة عليه رضوان الله تعالى من حديث عمر بن الحكم عن أبي هريرة عليه رضوان الله تعالى قال "من قاء لا يفطر إنما الفطر مما دخل لا مما يخرج" وقد احتج بهذا الإمام البخاري عليه رحمة الله تعالى وذلك بروايته له مجزوما به في كتابه الصحيح، والأئمة عليهم رحمة الله تعالى يعلون الخبر المرفوع إذا كان راويه – سواء كان صحابيا أو تابعيا- قد خالف مرويه بفتواه كما ثبت هنا عن أبي هريرة عليه رضوان الله تعالى خلافا لما يذهب إليه المتكلمون بإعلالهم بعدم اعتبارهم بمخالفة الراوي لمرويِّه قالوا "والعبرة بما يرويه الراوي لا بما يراه" ولا يرون أن ما يراه لازما لتضعيف المرفوع وهذا فيه نظر بل أن النقاد عليهم رحمة الله تعالى يعلون المرفوع بفتوى الراوي وهذا في الأغلب وقد أعل أبو داود عليه رحمة الله تعالى في كتابه السنن حديثا مرفوعا وهو في البخاري ومسلم لأنه قد روي من حديث عطاء وعطاء قد خالف المرفوع بفتواه وذلك أنه لو صح عنده لقال به ولهذا قال أبو داود عليه رحمة الله تعالى "وأثر عطاء يدل على ضعف حديث أبي هريرة" ويريد بذلك أنه قد خالف فتواه وبه يعلم أن إطلاق هذه القاعدة "العبرة بما رواه الراوي لا بما رآه" من غير اعبتار للعلة هنا فيه نظر وهو مخالف لمناهج النقاد عليهم رحمة الله وذلك أن الأئمة من الصحابة والتابعين أئمة الإسلام أصحاب ورع وخشية من مخالفة الدليل فحينما يروون خبرا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يخالفونه بفتواهم دل على عدم قولهم به إما لضعف أو لصادف عندهم من جهة نسخ وغيره.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير