تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

و حتى إذا افترضنا ان حديثه صحيح كما ذكر الحافظ ابن حجر فذلك حين يروي عنه أهل الحذق مثل البخاري و يحيى ابن معين و أبي حاتم الرازي و هؤلاء أئمة الجرح و التعديل و يعرفون صحيح حديثه من سقيمه و أبو عبيد القاسم بن سلام ليس مثل هؤلاء فلا يتحقق فيه الشرط الذي ذكره ابن حجر و بذلك يكون عبد الله ضعيفا على رأي ابن حجر أيضا

هل قرأتَ البحث؟!

ذكرتُ ما يثبت أن رواية الإمام الحافظ أبي عبيد من جنس روايات هؤلاء الأئمة.

و مع ذلك سأفترض أن حديثه صحيح كما قلت و أنه ثقة و لكن فيه كلام كثير و عثمان بن عمر أوثق منه بلا شك و عند الترجيح لمعرفة الراجح عن يونس لا يصح أن نقارن الليث بن سعد بعثمان بن عمر و لكن الصواب أن نقارن الإسناد بالإسناد فسنجد أن الإسناد الذي فيه عثمان بن عمر إلى يونس أصح من الإسناد الثاني (عبد الله بن صالح عن الليث بن سعد) فكما أن وجود الراوي الصدوق الواحد في إسناد كله ثقات ينزل بالإسناد إلى رتبة الحسن فكذلك وجود الراوي الثقة المتكلم فيه ينزل بدرجة صحة الإسناد حتى لو كان صحيحا في الجملة

هذا التخليط سببه ضعفٌ في تأصيل قضية مدار الحديث، وهي إحدى البدائيات في علم دراسة الأسانيد.

فالأحاديث تنتقل عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إلى صحابته الكرام -رضي الله عنهم-، ومنهم إلى التابعين. وقد ينتشر الحديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؛ فيرويه عنه أكثر من صحابي، فيكون المدار: رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وقد ينتشر الحديث عن أحد الصحابة؛ فيكون هو المدار، وقد يكون المدار أحد التابعين ... وهكذا.

والخطوة الأولى في دراسة أسانيد الأحاديث التي وقع فيها اختلاف: تحديد مدار الحديث الذي عنه انتشر،

ثم يُنظر في أسانيد روايات الرواة عنه، هل يصح أن ننسب إلى راوٍ من الرواة أنه روى الحديث عن فلان (المدار)؟ فإن صح الإسناد أو حسُن إلى الرواي؛ اعتمدنا أنه رواه عن المدار، وإلا فلا،

ثم يُنظر في روايات الرواة عن المدار، هل اتفقت كلها -إسنادًا ومتنًا-، فإن كان؛ انتُقِل إلى خطوة أخرى،

وإن اختلف الرواة عن المدار في الإسناد أو المتن، لُجئ هنا إلى الترجيح بإحدى قرائنِهِ المتعددة، المستقاة من نصوص الأئمة وتصرفاتهم.

وإلا فما شأنهم يسألون الأئمة عن الأقران، أيهم أوثق؟!

وهذه الطريقة مستفادة كذلك من تصرفات الأئمة، وألقِ نظرةً على علل الدارقطني -مثلاً-؛ تعرفْ ذلك.

ومن ثمَّ؛ فالمدار في هذا الحديث: هو يونس بن يزيد، ورواه عنه: عثمان بن عمر، والليث، فالترجيح إنما يكون بينهما ما دام الإسناد إليهما صحيحًا أو حسنًا، والليث أوثق من عثمان بمراحل.

و هناك شيء آخر و هو أن هذا المرسل أخرجه أيضا البلاذري في (أنساب الأشراف) حيث قال: (: وحدثني بكر بن الهيثم، عن عبد الله بن صالح، عن الليث، عن يونس، عن الزهري، عن أبي سلمة، قال: قال النبي: " كيف لا أشيب وأنا أقرأ سورة هود، وإذا الشمس كورت؟ ") و هذا إسناد صالح للإعتبار عن عبد الله بن صالح يذكر فيه أبا سلمة فربما يكون عبد الله تارة يحدث فيذكر أبا سلمة و تارة أخرى يختصر فلا يذكره و بذلك و مع قلة درجة ضبط عبد الله والغفلة التي كانت فيه و قول ابن عدي عنه (كان مستقيم الحديث إلا أنه يقع في اسانيده و متونه غلط و لا يتعمد الكذب) لا نستطيع أن نجزم أن الليث بن سعد يروي الحديث دون ذكر أبي سلمة.

أحسنت باستدراكك هذا الإسناد، وقد فات عليَّ، وهو في أنساب الأشراف (2/ 17، 18 ط. الفكر).

وقد تنازلتَ لي أولاً بأن حديثَ عبد الله بن صالح كاتب الليث صحيحٌ حين يروي عنه أهل الحذق ... ، فما بالك تحاكمني إلى روايةٍ رواها عنه بكر بن الهيثم، ولم أجد له ترجمة، فضلاً عن أن يكون من أهل الحذق المشابهين لكبار الأئمة؟!

وأبو عبيد القاسم بن سلام أقوى منه بدرجات، وروايته عن عبد الله بن صالح قوية -كما سبق في أصل البحث-، فروايته أرجح.

وإنما يُصار إلى كون كاتب الليث يذكر تارة ويترك تارة، أو يضطرب فيه لسوء حفظه= لو كان الوجهان عنه مستويان في القوة أو قريبان من ذلك، أمّا وأحد الراويين مجهول والآخر إمام؛ فلا.

و الخلاصة من هذا كله أن الصواب أن هذا مرسل لأبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف و ليس مرسل للزهري كما ذكرت أخي الفاضل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير