وانصح كل طالب علم أن يقرأ ترجمة الإمام البخاري وأقوال العلماء فيه حتى يتبين لهم إمامته في الدين وعلمه الغزير في الحديث، فالذي يتكلم في الإمام البخاري إنما يضر نفسه، كماقال الشاعر:
كناطح صخرة يوما ليوهنها ...
أما الرواة الذي روى عنهم الإمام البخاري رحمه الله وفيهم ضعف فلا يضره ذلك شيئا، فالإمام البخاري رحمه الله قد نص على أنه لايروي عن راو حتى يعرف صحيح حديثه من سقيمه كما في العلل الكبير للترمذي وغيره، فهو ينظر في حديث الضعيف أو المتكلم فيه ويختار من روايته الصحيح ويعرض عن البقية.
وهذا ما فعله كذلك مع إسماعيل بن أبي أويس.
وقد يذكر بعض الرواة الضعفاء في بعض الأسانيد استشهادا،وقد يذكره لأنه ورد في الإسناد مرادفا لراو ثقة فيكون اعتماده على الثقة وإنما ورد ذكر هذا الراوي تبعا.
وقد يصح الحديث عند البخاري بالطرق حيث أن الحديث قد يأتي من طرق متعددة يقوي بعضها بعضا وإن كان في طرقها ضعفا، فيسوقه الإمام البخاري من أحد الطرق وإن كان فيه كلام إلا أن متن الحديث صحيح عنده.
وهناك روابط متعددة في الملتقى للرد على مثل هذه الشبهات الواهية التي يوردها الرافضة قبحهم الله وغيرهم من المبتدعة.
قال الترمذي في العلل الكبير (2/ 978 حمزة ديب، ص 394 السامرائي) (وسألت محمدا عن داود بن أبي عبد الله الذي روى عن ابن جدعان فقال هو مقارب الحديث، قال محمد: عبد الكريم أبو أمية مقارب الحديث،وأبو معشر المديني نجيح مولى بني هاشم ضعيف لا أروي عنه شيئا ولا أكتب حديثه (((وكل رجل لا أعرف صحيح حديثه من سقيمه لا أروي عنه ولا أكتب حديثه)) ولا أكتب حديث قيس بن الربيع) انتهى
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?p=24516#post24516
وهناك كتاب مهم ونفيس وهو (منهج الإمام البخاري في تصحيح الأحاديث وتضعيفها) لأبي بكر كافي
تجده على هذا الرابط
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?s=&threadid=9964
قال أبو بكر كافي في كتابه (منهج الإمام البخاري في صحيحه)
المطلب الثالث
مراتب رجال الصحيحين من حيث الضبط
إن رجال الصحيحين ليسوا على مرتبة واحدة من حيث الضبط. ففيهم الحافظ الثقة وفيهم دون ذلك.
وسأسوق من أقوال العلماء ما يدل على ذلك.
قال الإمام الذهبي (ت 748هـ) – رحمه الله –: (ص 142)
" من أخرج له الشيخان أو أحدهما على قسمين:
أحدهما ما احتجا به في الأصول، وثانيهما: من أخرجا له متابعة وشهادة واعتباراً.
فمن احتجا به أو أحدهما، ولم يوثق ولا غمز، فهو ثقة حديثه قوي، ومن احتجا به أو أحدهما وتكلم فيه: فتارة يكون الكلام فيه تعنتاً، والجمهور على توثيقه، فهذا حديثه قوي أيضاً، وتارة يكون في تليينه وحفظه له اعتبار، فهذا حديثه لا ينحط عن مرتبة الحسن التي قد نسميها: من أدنى درجات الصحيح.
فما في " الكتابين " بحمد الله رجل احتج به البخاري أو مسلم في الأصول ورواياته ضعيفة بل حسنة أو صحيحة.
ومن خرج له البخاري أو مسلم في الشواهد والمتابعات. ففيهم من في حفظه شيء وفي توثيقه تردد، فكل من خرج له في " الصحيحين " فقد قفز القنطرة فلا معدل عنه إلا ببرهان بين.
نعم الصحيح مراتب والثقات طبقات فليس من وثق مطلقاً كمن تكلم فيه، وليس من تكلم في سوء حفظه واجتهاده في الطلب كمن ضعفوه، ولا من ضعفوه ورووا له كمن تركوه ولا من تركوه كمن اتهموه وكذبوه " ().
وقد سبق إلى هذا الحافظ الحازمي (ت 524هـ). فإنه قال بعد أن قسم الرواة إلى خمس طبقات وجعل الطبقة الأولى مقصد البخاري. ويخرج أحياناً من أعيان الطبقة الثانية.
" فإن قيل: إذا كان الأمر على ما مهدت، وأن الشيخين لم يودعا كتابيهما إلا ما صح، فما بالهما خرجا حديث جماعة تكلم فيهم، نحو فليح بن سليمان، وعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار وإسماعيل بن أبي أويس عند البخاري ومحمد بن إسحاق وذويه عند مسلم. قلت: أما إيداع البخاري (ص 143) ومسلم " كتابيهما " حديث نفر نسبوا إلى نوع من الضعف فظاهر، غير أنه لم يبلغ ضعفهم حداً يرد به حديثهم " ().
ومعنى هذا أن الإمام البخاري يروي عن الضعفاء الذين لم يصلوا إلى حد الترك ولكن لا يروي لهم إلا ما صح من حديثهم.
وتعرف صحة حديثه بأمرين:
الأول: موافقة هذا الراوي لغيره ومتابعتهم له.
¥