تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ما أنعم الله به من الفتح في تخريج وتوجيه حديث جئتكم بالذبح.]

ـ[لطفي بن محمد الزغير]ــــــــ[17 - 01 - 08, 03:01 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، محمد بن عبد الله وآله وصحبه أجمعين وبعد:

فلقد تابعت خلال الفترة الماضية ما كُتب حول حديث ((جئتكم بالذبح))، ورأيت أن هناك من يشكك فيه، كونه يتعارض وفق زعمهم مع منطوق ومفهوم الكتاب العزيز، وجهلة آخرون فهموه فهماً سطحياً حتى وجدنا بعضهم يفتي بجواز الذبح للإنسان كما تُذبح الشياه والخرفان، وزاد في الخلل ما قام بعض من لا يعي الأحكام بالقيام عملياً بمثل هذه الأحكام، وبعد وقوع الفعل وجدنا من يحاول التأصيل لهذه الأفاعيل، مع أن الصواب يتمثل في السؤال عن الحكم، ثم القيام بالفعل إن أيده الدليل، لا العكس.

لذا رأيت أن أكتب هذه الدراسة أتناول فيها تخريج هذا الحديث، وتوجيهه وفق ما أراه يتناسب مع القواعد المرعية في علم الحديث، ووفق واقع هذا الحديث وظروف التحديث به، غير غافل عن ذكر ما يتعلق بتوجيهه من جهة اللغة لأنها وعاء الدين، وهذا أوان الشروع فيه

أولاً: تخريج الحديث:

عند النظر إلى حديث: ((جئتكم بالذبح)) وجدته قد روي من عدة طرق متصلة ومرسلة، عن عبد الله بن عمرو بن العاص وعمرو بن العاص، وعن غيرهما، وهذا تفصيل هذه الطرق:

الطريق الأولى:

من رواية ابن إسحاق عن يحيى بن عروة بن الزبير عن أبيه، عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وهذه الرواية رواها أكثر من محدث، منهم: أحمد في المسند:2/ 218رقم (7036) قال: حدثنا عبد الله حدثنى أبى قال حدثنا يعقوب حدثنا أبى عن ابن إسحاق قال وحدثنى يحيى بن عروة بن الزبير عن أبيه عروة عن عبد الله بن عمرو بن العاصى قال قلت له ما أكثر ما رأيت قريشا أصابت من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيما كانت تظهر من عداوته. قال حضرتهم وقد اجتمع أشرافهم يوما فى الحجر فذكروا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقالوا ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل قط سفه أحلامنا وشتم آباءنا وعاب ديننا وفرق جماعتنا وسب آلهتنا لقد صبرنا منه على أمر عظيم. أو كما قالوا. قال فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأقبل يمشى حتى استلم الركن ثم مر بهم طائفا بالبيت فلما أن مر بهم غمزوه ببعض ما يقول. قال فعرفت ذلك فى وجهه ثم مضى فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها فعرفت ذلك فى وجهه ثم مضى ثم مر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها فقال «تسمعون يا معشر قريش أما والذى نفس محمد بيده لقد جئتكم بالذبح». فأخذت القوم كلمته حتى ما منهم رجل إلا كأنما على رأسه طائر واقع حتى إن أشدهم فيه وصاة قبل ذلك ليرفئوه بأحسن ما يجد من القول حتى إنه ليقول انصرف يا أبا القاسم انصرف راشدا فوالله ما كنت جهولا.

قال فانصرف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى إذا كان الغد اجتمعوا فى الحجر وأنا معهم فقال بعضهم لبعض ذكرتم ما بلغ منكم وما بلغكم عنه حتى إذا بادأكم بما تكرهون تركتموه فبينما هم فى ذلك إذ طلع عليهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فوثبوا إليه وثبة رجل واحد فأحاطوا به يقولون له أنت الذى تقول كذا وكذا. لما كان يبلغهم عنه من عيب آلهتهم ودينهم قال فيقول رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «نعم أنا الذى أقول ذلك». قال فلقد رأيت رجلا منهم أخذ بمجمع ردائه. قال وقام أبو بكر الصديق دونه يقول وهو يبكى (أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله). ثم انصرفوا عنه فإن ذلك لأشد ما رأيت قريشا بلغت منه قط.

وهذه الطريق رواها بالإضافة إلى أحمد كلٌ من: البزار في مسنده: 6/ 457 – 458 رقم (2497) وابن أبي حاتم في التفسير: 8/ 2698 - 2699، وابن حبان في صحيحه 14/ 525 – 526 رقم (6567)، و البيهقي في دلائل النبوة: 2/ 275 – 276، رقم (578)،وترجم للحديث بقوله: باب ذكر ما لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم من أذى المشركين حتى أخرجوهم إلى الهجرة وما ظهر من الآيات بدعائه على سبعة منهم، ثم بوعده أمته خلال ذلك ما يفتح الله عز وجل عليهم، وأنه يتمم هذا الأمر لهم، ثم كان كما قال، وما روي في شأن الزنيرة.

وابن عساكر في تاريخ دمشق: 30/ 53 – 54.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير