[السبائك الذهبية في سلسلة البحوث الفقهية والحديثية 2]
ـ[أبو العباس السالمي الأثري]ــــــــ[17 - 01 - 08, 03:23 م]ـ
لقد دار نقاش بيني وبين أحد الإخوة عن مسألة (الجمع بين الصلاتين في الحضر من غير خوف ولا مطر) فعارض الأدلة بأسلوب مُغَرِّب مستكبراً، فحررت هذا البحث سريعاً، فاللهم تقبل منا إنك أنت السميع العليم:
البَطَر
في
عدم قبول الحق في حديث
((الجمع بين الصَّلاتين في الحضر من غير خوف ولا مطر))
(رسالة إلى أحد الإخوان)
كتبها
أبو العباس بلال بن عبد الغني بن أبي هلال السالمي الأثري
غفر الله له
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وآله ومن والاه؛ وبعد:
من أبي العباس السالمي الأثري عفا الله عنه إلى الأخ الكريم ....... حفظه الله.
بعد السؤال عن صحتكم الغالية، فإني أحمد الله إليكم على أسلوبك الطيب في عرض المسائل الخلافية، في المجالس العامة، وكأنك تسترشد بلطف وأدب، وهذا من شيم طلاب العلم النجباء، ومن هدي السلف الصالح رضي الله عنهم ..
ومن ذلك مسألة (الجمع بين الصلاتين في الحضر من غير مرض ولا سفر) كما في حديث ابن عباس رضي الله عنهما، ولقد قلت في المجلس - وإن ضم بعض المبتدئين، عفا الله عنك -، قلت: إن الحديث ذكره ابن رجب في شرح العلل وهو من الأحاديث التي انعقد الإجماع على عدم العمل بها، فرابني ذلك، وهرعت لبحث المسألة - ليس لعدم الثقة في نقلك؛ حاشاك، فأنت عندي أجل من ذلك- وإنما لحاجتي الماسة إلى الراجح في المسألة، وكما لا يخفاك أنني لا أخرج للصلاة للإصابة التي في رجلي - وهذا عذر آخر- نسأل الله لنا ولكم العافية من كل سوء.
فدونك أخي الحبيب، مختصر البحث:
قال الإمام مسلم في (صحيحه) [1/ 705]: وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب قالا حدثنا أبو معاوية ح وحدثنا أبو كريب وأبو سعيد الأشج واللفظ لأبي كريب قالا حدثنا وكيع كلاهما عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: ((جمع رسول الله صلى الله عليه وسلمبين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة في غير خوف ولا مطر)) في حديث وكيع قال: قلت لابن عباس: لم فعل ذلك؟ قال: كي لا يحرج أمته، وفي حديث أبي معاوية، قيل لابن عباس: ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته))، والحديث أخرجه أبو داود في (السنن) [2/ 1211]، والترمذي في (السنن) [1/رقم:187]، وغيرهم
وأخرجه أيضاً البخاري في (صحيحه) [1/ 518] قال: حدثنا أبو النعمان قال حدثنا حماد هو بن زيد عن عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن بن عباس: ((أن النبي صلى الله عليه وسلم: صلى بالمدينة سبعاً وثمانياً الظهر والعصر، والمغرب والعشاء)) فقال أيوب: لعله في ليلة مطيرة، قال: عسى.
وقال في [1/ 1120] من (صحيحه) حدثنا علي بن عبد الله قال حدثنا سفيان عن عمرو قال سمعت أبا الشعثاء جابراً قال سمعت ابن عباس رضي الله عنهما قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانياً جميعاً، وسبعاً جميعاً، قلت: يا أبا الشعثاء أظنه أخر الظهر وعجل العصر؛ وعجل العشاء وأخر المغرب؛ قال: وأنا أظنه.
قلت:
أولاً: لم أقف على ذكر الترمذي رحمه الله أن الإجماع انعقد على عدم العمل به، وإنما الذي في كتابه العلل مع شرح ابن رجب: ((جميع ما في هذا الكتاب من الحديث معمول به، وقد أخذ به بعض أهل العلم، ما خلا حديثين: ثم ذكر الحديثين، ومنهم حديث ابن عباس)) الذي هو مدار بحثنا، فقد يكون - أخي الحبيب- سبق لسان منك؛ أو فهم لكلام الترمذي بالمعنى - وإن كان بعيداً -، ولربما التبس عليك هذا الكلام بكلام ابن عبد البر في (التمهيد) [12/ 213] حيث قال: ((وقد تقدم القول في جمع الصلاتين في السفر، وأما في الحضر فأجمع العلماء على أنه لا يجوز الجمع بين الصلاتين في الحضر لغير عذر على حال ألبتة إلا طائفة شذت سنورد ما إليه ذهبت إن شاء الله)).
وإن كان ذلك كذلك فإجماع منخرم، قال النووي في (شرحه على صحيح مسلم) [5/ 218]: ((وأما حديث ابن عباس فلم يجمعوا على ترك العمل به، بل لهم أقوال .... )). قلت: سيأتي بيان ذلك.
ثانياً: إن المتأمل المدقق المحقق في كلام الترمذي، يجده أعطى لنفسه فسحةً في إطلاق الكلام، وهذا من علامات إخلاصه رحمه الله، فلا يطلق الكلام على عواهنه.
¥