عَنْهُ.
وفي رواية: جَاءَ بُشَيْرٌ الْعَدَوِيُّ إِلَى ابْنِ عَبَّاسٍ، فَجَعَلَ يُحَدِّثُ وَيَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَجَعَلَ ابْنُ عَبَّاسٍ لا يَأْذَنُ لِحَدِيثِهِ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ: مَالِي لا أَرَاكَ تَسْمَعُ لِحَدِيثِي، أُحَدِّثُكَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلا تَسْمَعُ؟ فَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّا كُنَّا مَرَّةً إِذَا سَمِعْنَا رَجُلًا يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ابْتَدَرَتْهُ أَبْصَارُنَا وَأَصْغَيْنَا إِلَيْهِ بِآذَانِنَا فَلَمَّا رَكِبَ النَّاسُ الصَّعْبَ وَالذَّلُولَ لَمْ نَأْخُذْ مِنْ النَّاسِ إِلا مَا نَعْرِفُ.
وهذا الذي ذكر من احتياط بعض الصحابة في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتثبتهم من الرواة، لم يكن كثيراً، ولا صريحاً بالاتهام؛ لعدم كثرة دواعيه، ولما سبق من قول عمر لأبي موسى أما إني لم أتهمك.
ثم تكلم التابعون في الجرح، وكان كلامهم في ذلك قليلاً أيضاً؛ لقرب العهد بمنبع الوحي، رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعامة من تكلم فيه آنذاك إنما كان للمذهب، كالخوارج، أو لسوء الحفظ، أو الجهالة؛ فإنهم لم يكونوا يعرفوا الكذب.
قال علي بن المديني: محمد بن سيرين أول من فتش عن الإسناد، لا نعلم أحدا أول منه. (4) وروى الأعمش عن إبراهيم النخعي قال: إنما سئل عن الإسناد أيام المختار. (5)
أخرج مسلم بسنده إلى محمد بن سيرين أنه قال: لم يكونوا يسألون عن الإسناد، فلما وقعت الفتنة قالوا: سموا لنا رجالكم، فينظر إلى أهل أهل السنة، فيؤخذ حديثهم، وينظر إلى أهل البدع فلا يؤخذ حديثهم. (6)
روى ابن أبي حاتم بسنده إلى خالد بن نزار قال: سمعت مالكا يقول: أول من أسند الحديث ابن شهاب الزهري. (7)
وقال يحيى بن سعيد القطان: الشعبي أول من فتش عن الإسناد. (8)
قال يعقوب بن شيبة: سمعت علي بن المديني يقول: كان ابن سيرين ممن ينظر في الحديث ويفتش عن الإسناد، لا نعلم أحدا أول منه، ثم كان أيوب، وابن عون، ثم كان شعبة، ثم كان ثم كان يحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي.
قال يعقوب: قلت لعلي: فمالك بن أنس؟ فقال: أخبرني سفيان بن عيينة قال: ما كان أشد انتقاء مالك للرجال.
قال الذهبي: فأول من زكى وجرح عند انقضاء عصر الصحابة: الشعبي، وابن سيرين، ونحوهما، وحفظ عنهم توثيق أناس وتضعيف آخرين ...... فلما كان عند انقراض عامة التابعين في حدود الخمسين ومائة، تكلم طائفة من الجهابذة في التوثيق والتضعيف، كالأعمش، وشعبة بن الحجاج، ومالك بن أنس. (9)
فالنقولات التي سبقت عن أهل العلم في ذكرهم أول من بدأ بالتفتيش أقوال متقاربة، وذكروا علماء متعاصرين، لذلك فإن بداياتهم كانت متقاربة، أو كل واحد في بلده، أو كان البعض أنشط من الآخر، والله أعلم.
الهوامش:
(1) موطأ مالك (3: 497).وانظر: سنن أبي داود (8: 98)، والترمذي (7: 452)، والحاكم في المستدرك (18: 353)، وانظر الحديث في سنن ابن ماجه، والنسائي، وغيرهم.
(2) صحيح البخاري مع الفتح (19: 265)، ومسلم مع النووي (11: 103).
(3) المقدمة (1: 27).
(4) شرح علل الترمذي (1: 52).
(5) علل الإمام أحمد رواية عبد الله (3: 380).
(6) مقدمة مسلم (1: 15).
(7) تقدمة الجرح والتعديل (1: 20).
(8) المحدث الفاصل (ص: 208).، وانظر: التمهيد لابن عبد البر (1: 55).
(9) ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل (ص: 159 - 162).بتصرف.
ـ[ياسر بن مصطفى]ــــــــ[15 - 02 - 08, 02:29 م]ـ
لعل الأخ سؤاله محدد وهو عن علم العلل خاصة
ليس عن علم الجرح والتعديل
قال ابن رجب الحنبلي: وبكلِّ حالٍ فالجهابذةُ النقادُ العارفون بعلل الحديث أفرادٌ قليلٌ من أهل الحديث جداً، وأوَّل من اشتهر بالكلام في نقد الحديث ابنُ سيرين، ثم خلفه أيوبُ السَّختياني، وأخذ ذلك عنه شعبةُ، وأخذ عن شعبة يحيى القطّان وابنُ مهدي، وأخذ عنهما أحمد، وعليُّ بن المديني، وابن معين، وأخذ عنهم مثلُ البخاري وأبي داود وأبي زُرعة وأبي حاتم.
(جامع العلو والحكم)
أما عن أول من صنف في علم العلل فهو تماما كعلم الحديث والمصطلح لم يوجد له مؤلف مستقل في بادئ الأمر بل كان كلاما متفرقا منثور في كتب أهل العلم ثم بعد ذلك صنف فيه استقلالا
ويمكن تقسيم المصنفات في علم العلل إلى قسمين
1 - القسم الأول: كتب مبينة لعلم علل الحديث غير مفردة لبيانها ففيها بيان العلم وغيرها ومن هذا القسم كثير من كتب السؤلات ومعرفة الرجال والجرح والتعديل وكتب التواريخ والبلدان وكتب التخريج والسنن وغيرها
2 - القسم الثاني: كتب مفردة لبيان علل الحديث وهذه الكتب على قسمين أيضا
1 - كتب مفردة لبيان علل الحديث ولكنها غير مرتبة كالعلل المنقولة عن يحيى القطان وعلى بن المديني وغيرهم
2 - كتب مفردة ومرتبة لبيان علل الحديث واتخذت هذه الكتب عدة مناهج من حيث الترتيب:
أ-كتب متبة على الأبواب: كعلل ابن أبي حاتم والعلل للترمذي والعلل لأبي بكر الخلال
ب-كتب مرتبة على لامسانيد كعلل الدارقطني ومسند على بن المديني ومسند يعقوب بن شيبة
ج-كتب مفردة لبيان علل حديث راو معين ومن ذلك علل حديث الزهري للذهلي وكتاب علل حديث ابن عيينة لعلي بن المديني
د-كتب مفردة لبيان علل كتاب عين وفي الغالب يكون من الكتب المشهورة جدا كالصحيحين والموطأ ومن ذلك علل صحيح مسلم لابن الشهيد وكتاب التتبع وهو: ما أخرج في الصحيحين وله لة للدارقطني.
هـ-كتب مفردة لبيان نوع من أنواع العلل من ذلك تمييز المزيد في متصل الأسانيد والفصل للوصل المدرج في النقل وكلاهما للخطيب
وكتب مفردة لبيان علة حديث معين ككتاب حديث الستة من التابعين وذكر طرقه واختلاف وجوهه للخطيب
انتهى من كتاب: جهود المحدثين في بيان علل الأحاديث
تأليف الدكتور: على بن عبد الله الصباح
دار المحدث (بحوث في السنة النبوية وعلومها) 2
¥