ـ[أحمد بن شبيب]ــــــــ[16 - 01 - 09, 07:12 م]ـ
سلسلة الأحاديث الضعيفة للألباني
(أصحابي كالنجوم، بأيهم اقتديتم اهتديتم)
موضوع.
رواه ابن عبد البر في " جامع العلم " (2/ 91) و ابن حزم في " الإحكام "
(6/ 82) من طريق سلام بن سليم قال:حدثنا الحارث بن غصين عن الأعمش عن
أبي سفيان عن جابر مرفوعا به، و قال ابن عبد البر: هذا إسناد لا تقوم به حجة لأن الحارث بن غصين مجهول. و قال ابن حزم: هذه رواية ساقطة، أبو سفيان ضعيف، و الحارث بن غصين هذا هو أبو وهب الثقفي، و سلام بن سليمان يروي الأحاديث الموضوعة و هذا منها بلا شك.
قلت: الحمل في هذا الحديث على سلام بن سليم - و يقال: ابن سليمان و هو الطويل - أولى فإنه مجمع على ضعفه، بل قال ابن خراش: كذاب، و قال ابن حبان:
روى أحاديث موضوعة.
و أما أبو سفيان فليس ضعيفا كما قال ابن حزم، بل هو صدوق كما قال الحافظ في
" التقريب "، و أخرج له مسلم في " صحيحه ".
و الحارث بن غصين مجهول كما قال ابن حزم، و كذا قال ابن عبد البر و إن ذكره
ابن حبان في " الثقات "، و لهذا قال أحمد: لا يصح هذا الحديث كما في
" المنتخب " لابن قدامة (10/ 199 / 2).و أما قول الشعراني في " الميزان " (1/ 28): و هذا الحديث و إن كان فيه مقال عند المحدثين، فهو صحيح عند أهل الكشف، فباطل و هراء لا يتلفت إليه! ذلك لأن تصحيح الأحاديث من طريق الكشف بدعة صوفية مقيتة، و الاعتماد عليها يؤدي إلى تصحيح أحاديث باطلة لا أصل لها، كهذا الحديث لأن الكشف أحسن أحواله - إن صح - أن يكون كالرأي، و هو يخطيء و يصيب، و هذا إن لم يداخله الهوي،نسأل الله السلامة منه، و من كل ما لا يرضيه.
" إنما أصحابي مثل النجوم فأيهم أخذتم بقوله اهتديتم ".
موضوع.
ذكره ابن عبد البر معلقا (2/ 90) و عنه ابن حزم من طريق أبي شهاب الحناط عن حمزة الجزري عن نافع عن ابن عمر مرفوعا به، و قد وصله عبد بن حميد في" المنتخب من المسند " (86/ 1): أخبرني أحمد بن يونس حدثنا أبو شهاب به، و رواه ابن بطة في " الإبانة " (4/ 11 / 2) من طريق آخر عن أبي شهاب به، ثم قال ابن عبد البر: و هذا إسناد لا يصح، و لا يرويه عن نافع من يحتج به.قلت: و حمزة هذا هو ابن أبي حمزة، قال الدارقطني: متروك، و قال ابن عدي:عامة مروياته موضوعة، و قال ابن حبان: ينفرد عن الثقات بالموضوعات حتى كأنه المتعمد لها، و لا تحل الرواية عنه، و قد ساق له الذهبي في " الميزان "
أحاديث من موضوعاته هذا منها.
قال ابن حزم (6/ 83): فقد ظهر أن هذه الرواية لا تثبت أصلا، بل لا شك أنها مكذوبة، لأن الله تعالى يقول في صفة نبيه صلى الله عليه وسلم: (و ما ينطق عن الهوي، إن هو إلا وحي يوحى)، فإذا كان كلامه عليه الصلاة و السلام في الشريعة حقا كله و واجبا فهو من الله تعالى بلا شك، و ما كان من الله تعالى فلا يختلف فيه لقوله تعالى: (و لو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا
كثيرا)، و قد نهى تعالى عن التفرق و الاختلاف بقوله: (و لا تنازعوا)،فمن المحال أن يأمر رسوله صلى الله عليه وسلم باتباع كل قائل من الصحابة رضي الله عنهم و فيهم من يحلل الشيء، و غيره يحرمه، و لو كان ذلك لكان بيع الخمر حلالا اقتداء بسمرة بن جندب، و لكان أكل البرد للصائم حلالا اقتداء
بأبي طلحة، و حراما اقتداء بغيره منهم، و لكان ترك الغسل من الإكسال واجبا بعلي و عثمان و طلحة و أبي أيوب و أبي بن كعب و حراما اقتداء بعائشة و ابن عمر و كل هذا مروى عندنا بالأسانيد الصحيحة.ثم أطال في بيان بعض الآراء التي صدرت من الصحابة و أخطأوا فيها السنة، و ذلك في حياته صلى الله عليه وسلم و بعد مماته، ثم قال (6/ 86): فكيف يجوز تقليد قوم يخطئون و يصيبون؟!. و قال قبل ذلك (5/ 64) تحت باب ذم الاختلاف: و إنما الفرض علينا اتباع ما
جاء به القرآن عن الله تعالى الذي شرع لنا دين الإسلام، و ما صح عن رسول الله
صلى الله عليه وسلم الذي أمره الله تعالى ببيان الدين ... فصح أن الاختلاف لا يجب أن يراعى أصلا، و قد غلط قوم فقالوا: الاختلاف رحمة، و احتجوا بما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم: " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم "، قال: و هذا الحديث باطل مكذوب من توليد أهل الفسق لوجوه ضرورية.
- أحدها: أنه لم يصح من طريق النقل.و
- الثاني: أنه صلى الله عليه وسلم لم يجز أن يأمر بما نهى عنه، و هو عليه السلام قد أخبر أن أبا بكر قد أخطأ في تفسير فسره، و كذب عمر في تأويل تأوله في الهجرة، و خطأ أبا السنابل في فتيا أفتى بها في العدة، فمن المحال الممتنع الذي لا يجوز البتة أن يكون عليه السلام يأمر باتباع ما قد أخبر أنه خطأ.
فيكون حينئذ أمر بالخطأ تعالى الله عن ذلك، و حاشا له صلى الله عليه وسلم من هذه الصفة، و هو عليه الصلاة و السلام قد أخبر أنهم يخطئون، فلا يجوز أن يأمرنا باتباع من يخطيء، إلا أن يكون عليه السلام أراد نقلهم لما رووا عنه فهذا صحيح لأنهم رضي الله عنهم كلهم ثقات، فمن أيهم نقل، فقد اهتدى الناقل.
و الثالث: أن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقول الباطل، بل قوله الحق،و تشبيه المشبه للمصيبين بالنجوم تشبيه فاسد و كذب ظاهر، لأنه من أراد جهة مطلع الجدي، فأم جهة مطلع السرطان لم يهتد، بل قد ضل ضلالا بعيدا و أخطأ خطأ فاحشا، و ليس كل النجوم يهتدى بها في كل طريق، فبطل التشبيه المذكور و وضح كذب ذلك الحديث و سقوطه وضوحا ضروريا. و نقل خلاصته ابن الملقن في " الخلاصة " (175/ 2) و أقره، و به ختم كلامه على الحديث فقال: و قال ابن حزم: خبر مكذوب موضوع باطل لم يصح قط.
¥