ـ[أبو المنذر الدوماوي]ــــــــ[21 - 09 - 09, 11:22 م]ـ
الحمد لله وحده والصلاة على من لا نبي بعده؛ وبعد،
فقد أصاب أخونا "أبو فاطمة الشمري" في تضعيف هذا الحديث، لكن ما نبه عليه محققو المسند صحيح وإليكم التفصيل:
الألباني تبع الحفاظ المزي وابن حجر وابن القطان الفاسي في التفريق بين (عبد الحميد بن سلمة) هذا و (عبد الحميد بن جعفر بن عبد الله الأنصاري) وذلك لأسباب معينة يأتى بيانها.
لكن قد ظهر لي جلياً ولله الحمد أنهما رجل واحد، وبالتالى يكون أبوه (سلمة) هو (جعفر بن الحكم) ليس إلا، وبالتالى يكون استشهاد الشيخ - رحمه الله - بنفس الطريق غير مقبول.
والحاصل أن عثمان بن مسلم البتي البصري سمى (عبد الحميد بن جعفر الأنصاري) بـ (عبد الحميد بن سلمة الأنصاري) فانفرد دون تلاميذه الآخرين بهذه التسمية مما أدى إلى جهالة عينه عند بعض الحفاظ وإليك التفصيل:
للتدليل على أنهما شخص واحد سوف أذكر إن شاء الله باختصار الروايات التي وقعت فيها تسميته بـ (عبد الحميد بن سلمة) على نحو ترتيب المزي لها، ثم أبين دلائل كونهما رجلاً واحداً ثم أبين الرد على من فرق بينهما ثم أخرج بإذن الله بالنتائج فأقول:
أولاً: ذكر الروايات التي وقع فيها تسمية عبد الحميد بن جعفر بـ (عبد الحميد بن سلمة).
هذه التسمية وردت من طريق عثمان بن مسلم البتي فقط! وليس في حديث التخيير الذي ذكره المزي فقط، بل في حديث عبد الرحمن بن شبل مرفوعاً في النهي عن نقرة الغراب وافتراش السبع.
أما حديث التخيير فقد روى هذه التسمية الغريبة عن عثمان كل من: إسماعيل بن علية، وحماد بن سلمة، وعيسى بن يونس، وعلي بن غراب، وهشيم، وعبد الوارث.
وأما رواية سفيان الثوري عن عثمان، فقد رواها عبد الرزاق عن سفيان الثوري (س / حم) ولكن قد وقعت التسمية في رواية أحمد بن حنبل عن عبد الرزاق هكذا:
(عبد الحميد الأنصاري) دون ذكر (سلمة)، ووقعت في رواية النسائي عن محمود بن غيلان عن عبد الرزاق هكذا: (عبد الحميد بن سلمة الأنصاري).
فتبين من ذلك أن سفيان موافق لتلاميذ عثمان السابقين في التسمية، ولا تعتبر روايته مخالفة أصلاً كما ظن المزي.
فإن قال قائل: فما سبب وقوع اسمه في مسند أحمد بن حنبل هكذا أي (عبد الحميد الأنصاري)؟ فالجواب أنه إما أن يكون من تصرف الرواة، وإما من باب الاختصار، وإما من قبيل السقط فلتراجع الرواية في أكثر من نسخة للمسند، وفي كتب أطراف المسند.
ثانياً: الأدلة على أن الاسمان يعودان لرجل واحد:
1 - اتحاد اسميهما ونسبتيهما.
2 - اتحاد طبقتيهما كما سجله ابن حجر في تقريبه وهي السادسة وهي الطبقة التي لم يثبت لها لقيا الصحابة.
3 - رواية كل واحد منهما عن أبيه عن جده.
4 - رواية كليهما لحديثين في باب واحد الأول: في التخيير ويأتي ضبط لفظه، والثاني في الصلاة وهو: قال أحمد: حدثنا إسماعيل: أنبأنا عثمان البتي عن عبد الحميد بن سلمة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن نقرة الغراب وعن فرشة السبع وأن يوطن الرجل مقامه في الصلاة كما يوطن البعير.
وكذلك أخرجه المزي من طريق عبد الوراث عن عثمان البتي عن عبد الحميد بن سلمة عن أبيه به مختصراً.
وهذا الحديث أصلاً مروي من طريق عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن تميم عن عبد الرحمن بن شبل مرفوعاً. كما بين أخونا أبو فاطمة.
5 - تفرد عثمان بن مسلم البتي بالتسمية، وبالرواية عن (عبد الحميد بن سلمة) هذا مما أدى إلى جهالة عينه كما تقدم، وعدم معرفة الدارقطني له كما نقل ابن حجر عنه، وقد بين العلماء في كتب المصطلح أن من أسباب جهالة العين تحرف اسم الراوي أو تغيير المدلسين لاسمه أو تسمية بعضهم له باسم غير معروف به حتى لا يُفطن له.
6 - كون روايات عثمان كلها مبهمة في اسم والد عبد الحميد بن سلمة وجده فلم يمر بي أي رواية إلى الآن قيل فيها أبوه فلان أوجده فلان، ويؤيده قول المزي في ترجمة رافع: «روى له ابن ماجه ولم يسمه»، فلا تعارض إذاً بينها وبين رواية غير عثمان التي بينت الإبهام.
¥