تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أقولُ: هَذَا حَدِيثٌ موضوعٌ مكذوبٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ _ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ _، قَبَّحَ اللَّهُ وَاضِعَهُ، إسماعيلُ بنُ أحمدَ هُوَ: ابنُ عمرَ السمرقنديُّ، قالَ عنهُ ابنُ عساكرَ في " تاريخِ دمشقَ " (8/ 357): " وَكَانَ مُكثراً ثقةً "، وأبو الحسينِ عليُّ بنُ محمَّدٍ هُوَ: ابنُ عبدِ اللَّهِ بن بِشْرانَ، قالَ عنهُ الخطيبُ البغداديُّ في " تاريخ بغداد " (12/ 98): " كَانَ صدوقاً ثقةً "، وعثمانُ بنُ أحمدَ الدَّقَّاقُ هُوَ: أبو عمرٍو عثمانُ بنُ أحمدَ بنِ عبدِ اللَّهِ الدَّقَّاقُ المعروفُ بابنِ السَّمَّاكِ، قالَ عنهُ الخطيبُ البغداديُّ في " تاريخِ بغدادَ " (11/ 303): " كَانَ ثقةً ثبتاً "، وأحمدُ بنُ محمَّدِ بنِ المؤملِ هُوَ: أبو بكرٍ الصُّوريُّ، ترجمَ لهُ الخطيبُ في " تاريخِ بغدادَ " (5/ 103)، وابنُ عساكرَ في" تاريخ دمشق " (5/ 457) وَلَمْ يَذْكُرَا فِيهِ شيئاً، وَأَمَّا يحيى بنُ عبدِ اللَّهِِ فَقَدْ قالَ فيهِ الذَّهبيُّ في " ميزانِ الاعتدالِ " (4/ 391): " شيخٌ مجهولٌ، حدَّثَ عنهُ عبدُ الرَّحمنِ بنُ خالدٍ بحديثٍ كَذِبٍ في الأيَّامِ "، وقال ابنُ الجوزيِّ _ عَقِبَ هذا الحديثِ _: " هَذَا حَدِيثٌ موضوعٌ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ _ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ _، وفيهِ ضعفاءُ ومجهولونَ ".

سادساً: حَدِيثُ أنسِ بنِ مالكٍ _ رَضِيَ اللَّهُ عنهُ _.

أخرجَهُ ابن مَرْدُويَه في " التَّفسير " _ كَمَا في " اللآلىء المصنوعةِ " للسُّيوطيِّ (1/ 486) _ قالَ: حدَّثنا محمَّدُ بنُ عبدِ اللَّهِ بنِ إبراهيمَ، حدَّثنا سماكُ بنُ عبدِ الصَّمدِ، حدثَّنا أبو الأَخْيَلِ خالدُ بنُ عمرٍو الحِمْصِيُّ، حدَّثنا يزيدُ بنُ خالدٍ القُرشيُّ، حدَّثني عبدُ الرَّحمنِ بنُ كسرى، عنْ مسلمِ بنِ عبدِ اللَّهِ، عنْ سعيدِ بنِ ميمونَ، عنْ أنسِ بنِ مالكٍ؛ قالَ: سُئِلَ النَّبيُّ _ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ _ عنِ الأيَّامِ، وسُئِلَ عنْ يومِ الأربعاءِ؟، قالَ: " يومُ نحسٍ "، قَالُوا: وكيفَ ذَاكَ يا رسولَ اللَّهِ؟، قالَ: " أَغْرَقَ اللَّهُ فِرْعَونَ وَقَوْمَهُ، وأَهْلَكَ عَاداً وثمودَ ".

أقولُ: هَذَا حَدِيثٌ مُنْكَرٌ؛ أبو الأَخْيَلِ خالدُ بنُ عمرٍو قالَ فيهِ ابنُ عَدِيٍّ: " رَوَى أَحَادِيثَ منكرةً عنْ ثقاتِ النَّاسِ، وَكَانَ جعفرٌ الفريابيُّ يقولُ: رأيتُ أبا الأَخْيَلِ هَذَا بحمصَ وَلَمْ أكتبْ عنهُ؛ لأنَّهُ كَانَ يكذبُ "، وَذَكَرَهُ ابنُ حِبَّانَ في " الثِّقاتِ " وقالَ: " ربَّمَا أَخْطَأَ "، وقالَ الدَّارقطنيُّ: " ضَعِيفٌ ".

الخُلاَصَةُ؛ لاَ يَثْبُتُ في هَذَا البَابِ شَيْءٌ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ _ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ _.

فائدةٌ: قالَ الإمامُ ابنُ قيِّمِ الجوزيَّةِ _ رحمهُ اللَّهُ _ في " مفتاحِ دَارِ السَّعادةِ " (2/ 194): " وأمَّا وصفُهُ _ تعالى _ بعضَ الأيَّامِ بأنَّها أيَّامُ نحسٍ؛ كقولِهِ: (فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي أَيَّامٍ نَحِسَاتٍ) [فصِّلت: 16] فَلاَ ريبَ أنَّ الأيَّامَ الَّتي أَوْقَعَ اللَّهُ _ سبحانَهُ _ فِيهَا العقوبةَ بأعدائِهِ، وَأَعْدَاءِ رسُلِهِ كَانَتْ أيَّاماً نحساتٍ عليهم؛ لأنَّ النَّحسَ أَصَابَهُمْ فِيهَا، وإنْ كانتْ أيَّامَ خيرٍ لأوليائِهِ المؤمنينَ، فَهِيَ نحسٌ عَلَى المُكذِّبين، سَعْدٌ عَلَى المؤمنينَ، وَهَذَا كيومِ القيامةِ؛ فإنَّهُ عسيرٌ على الكافرينَ، يومُ نحسٍ لَهُمْ، يسيرٌ عَلَى المؤمنينَ، يومُ سَعْدٍ لَهُمْ، قالَ مجاهدٌ: أيَّامٌ نَحِسَاتٌ مشائيمٌ، وقالَ الضَّحَّاكُ: معناهُ شديدٌ _ أَيْ: البرد _، حتَّى كَانَ البردُ عذاباً لَهُمْ، قالَ أبو عليٍّ: وأنشدَ الأصمعيُّ في النَّحْسِ بمعنى البردِ:

كَأَنَّ مُدَامَةً عَرِضَتْ لِنَحْسٍٍ يُحِيلُ شَفِيفُها الماءَ الزُّلالا

وقالَ ابنُ عبَّاسٍ: نَحِساتٍ: مُتتابعاتٍ، وكذلك قولُهُ: (إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مَسْتَمِرٍّ) [القمر: 19]، وكانَ اليومُ نحساً عَلَيْهِمْ؛ لإرسالِ العذابِ عَلَيْهِمْ، أَيْ: لاَ يقلعُ عَنْهُمْ كَمَا تقلعُ مصائبُ الدُّنيا عنْ أهلِها، بلْ هَذَا النَّحسُ دائمٌ عَلَى هؤلاءِ المُكذِّبينَ للرسُلِ، ومُسْتمِرٌّ صفةٌ للنَّحسِ لاَ لليومِ، ومنْ ظنَّ أنَّهُ صفةٌ لليومِ، وأنَّهُ كَانَ يومَ أربعاءِ آخر الشَّهرِ، وأنَّ هذا اليومَ نحسٌ أَبَداً فَقَدْ غلطَ وأخطأَ فَهْمَ القُرآنِ؛ فإنَّ اليومَ المذكورَ بحسبِ مَا يقعُ فيهِ، وكمْ للَّهِ منْ نعمةٍ عَلَى أوليائِهِ في هَذَا اليومِ، وإنْ كانَ لهُ فيهِ بَلاَيَا ونقمٌ عَلَى أعدائِهِ، كَمَا يقعُ ذلك في غيرِهِ منَ الأيَّامِ، فَسُعودُ الأيَّامِ ونحُوسها إنَّما هُوَ بسُعودِ الأعمالِ وموافقتِها لمرضاةِ الرَّبِّ، ونحوسُ الأعمالِ مخالفتها لما جاءتْ بهِ الرُّسُلُ، واليومُ الواحدُ يكونُ يومَ سعدٍ لطائفةٍ، ونحسٍ لطائفةٍ، كَمَا كَانَ يومُ بَدْرٍ يومَ سعدٍ للمؤمنينَ، ويومَ نحسٍ عَلَى الكافرينَ، فَمَا للكوكبِ والطَّالعِ والقراناتِ وهذا السَّعدُ والنَّحسُ، وكيفَ يُسْتَنْبطُ علمُ أحكامِ النُّجومِ منْ ذَلِكَ، وَلَوْ كَانَ المُؤثِّرُ في هَذَا النَّحسِ هُوَ نفسُ الكوكبِ والطَّالعِ لكانَ نحساً عَلَى العَالَمِ، فَأَمَّا أنْ يَقْتَضِيَ الكوكبُ كونه نحساً لطائفةٍ، سَعْداً لطائفةٍ؛ فَهَذَا هُوَ المُحَالُ ".

_ تَمَّ بِحَمْدِ اللَّهِ تَعَالى _

كَتَبَهُ: أبو عُمَرَ نادرُ بنُ وَهْبِي النَّاطُورُ القَنِّيرِيُّ

_ عَفَا اللَّهُ عنهُ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ _

الزَّرقاءُ _ الأردنُّ

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير