تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فقدْ سألتَ عنْ كتابي: " مُعْجَمِ مَنْ رُمِيَ بالتَّدليسِ "، وعنِ الفرقِ بينَهُ وبينَ كتابِ الدكتورِ مسفرٍ الدمينيِّ: " التَّدليسِ في الحديثِ "، فأقولُ: كتابُ الدكتورِ مسفرٍ منْ أوسعِ الكتبِ الَّتي أُلِّفتْ في التدليسِ، وأنفعِهَا، إلاَّ أنَّهُ وقعتْ لهُ أخطاءٌ وأوهامٌ، قمتُ بالتَّنبيهِ عليها في كتابي، فالدكتورُ مسفر واسعُ الخطوِ في الوصفِ بالتَّدليسِ _ ومثله الدكتور القريوتي _، وقدْ قمتُ بترتيبِ كتابي على حروفِ المعجمِ كما هو ظاهرٌ منِ اسمِهِ، وجمعتُ فيهِ كلَّ منْ وُصِفَ بالتَّدليسِ _ سواء منْ مدلِّسي الإسنادِ أو مُدلِّسي الشُّيوخِ _، وزدتُ على من سبقني زياداتٍ سوفَ يأتي ذِكْرُهَا، وهو الآن تحت الطَّبعِ في المكتبةِ الأثريةِ، وإليكَ مُقدِّمةُ الكتابِ، مع بعضِ النماذجِ مِمَّا جاءَ فيهِ:

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــ

• مقدِّمةُ الكتابِ:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحمنِ الرَّحِيمِ

وبِهِ نستعينُ

الحمدُ للَّهِ المستحقِّ للتَّقديسِ، والصَّلاةُ والسَّلامُ على عبدِهِ ورسولِهِ محمَّدِ بنِ عبد اللَّه المُبيِّن عن ربِّهِ من غير تلبيسٍ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ المُبلِّغينَ عنه من غير قصدِ تدليسٍ.

أمَّا بعدُ:

فإنَّ التدليسَ من العللِ المؤثِّرةِ في السَّندِ؛ فقد قال الحافظُ ابنُ حَجَرٍ _ رحمه اللَّه _: " وعَنْعَنَةُ المُدلِّسِ علَّةٌ في الخبرِ " (1)، لذا بحث أئمَّتنا الأجلاَّءُ التَّدليسَ في كتبِهِمْ، وأَوْلَوْه عنايةً خاصَّةً، وأفردوا لمن وُصِفَ به المصنَّفات، غير أنَّها _ على كثرتها _ لا تروي غليلاً، ولا تسدُّ جَوْعَةً؛ لاختصارها الشديد، فرأيت الحاجة مُلِحَّةً لمثل هذا " المعجم "؛ الَّذي جمعتُ فيه ولَخَّصْتُ (2) ما وقفت عليه من كتبِ القومِ المصنَّفة في هذا الشأنِ، وغيرها من كتبِ الجرحِ والتعديلِ، والعللِ، والسُّننِ، والتاريخِ؛ ممَّا ستقف عليه في قائمة المراجع، وألحقت به زيادات (3) وفوائد نافعة، ونبَّهت فيه على أخطاءٍ وأوهامٍ وقعت لبعض المعاصرين ممَّن صنَّف في التَّدليسِ والمُدلِّسينَ.

فهذا " المعجمُ " الَّذي بين يديك هو حصيلةُ جهد استغرق من مُصنِّفه قرابة خمس سنوات ما بين تقميشٍ وتفتيشٍ، وهو ممَّا يؤكِّدُ _ لك _ صحَّةَ المثلِ السَّائرِ: كَمْ تركَ الأوَّلُ للآخرِ، وغلط القائل: ما تركَ الأوَّلُ للآخرِ.

فاللَّه _ سبحانه وتعالى _ قد يدَّخر لبعض المتأخرِّين؛ ما عَسُرَ وخفي على كثير من المتقدِّمين، يقول الإمام ابنُ الجوزيِّ _ رحمه اللَّه _: " فقد أَطْلَعَ اللَّه _ عزَّ وجلَّ _ الخَضِرَ على ما خفي من موسى _ عليهما السَّلام _، فخزائن اللَّه مملوءة، وعطاؤه لا يقف على شخصٍ. . .، وكم من متأخَّرٍ سبقَ مُتقدِّماً، وقد قيل:

إنَّ اللَّياليَ والأيامَ حاملةٌ وليس يعلمُ غير اللَّهِ ما تَلِدُ " (4).

وقرنت في هذا " المعجمِ " ما بين مُدلِّسي الإسنادِ ومُدلِّسي الشُّيوخِ، وهذا الصِّنْفُ الأخير لم أقم باستيعابه؛ لأنِّي لو ذهبت أتتبعهم لما وسعهم مثل هذا " المعجم "، ويغني عن ذلك الرجوع إلى كتاب: " مُوضِّحِ أوهامِ الجمعِ والتفريقِ " للخطيبِ البغداديِّ، فهو أصلٌ في هذا البابِ.

وشرطي في " معجمي " هذا؛ أنْ أذكر فيه كلّ من وُصِفَ بالتدليس، أو أشير إلى تدليسه إشارةً قويَّةً، ولا يلزم من ذلك أنَّ كلَّ من ذكرته فيه يعتبر مُدلِّساً عندي، بل إنِّي أذكر بعضهم ممَّن وُصِفَ بذلك _ ولا يثبت عليه _ للذَّبِ عنه، والذَّوْدِ عن حياضِهِ؛ ليس إلاَّ.

ونهجي الذي اتَّبعته فيه؛ هو أنِّي جزَّأْتُهُ إلى فصلينِ:

الفصلُ الأوَّلُ: وضمَّنْتُهُ عدداً من المباحث المتعلِّقة بالتدليس والمدلِّسين، غير أنِّي لم أتوسع في هذه المباحث توسعاً مُفرطاً؛ لأنَّ ذلك ليس من مقصود " معجمنا " الموضوع أصلاً للرُّواةِ المدلِّسين، ولأنَّ غيري _ ممَّن سبقني في التصنيف _ قد توسَّع في ذلك بما يغني عن إعادة الجهد وتكرار العمل، وإليك سرد هذه المباحث:

• المبحثُ الأوَّلُ: تعريفُ التَّدليسِ.

• المبحثُ الثَّاني: أقسامُ التَّدليسِ.

• المبحثُ الثَّالثُ: ما جاءَ في ذمِّ التَّدليسِ وأهله.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير