فَرَوَاهُ الْمُغِيرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَن أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مَرْفُوعًا. عِنْدَ الْبَزَّارِ فِي "مُسْنَدِهِ" (2/ 5838)؛ وَالطَّبَرَانِيِّ فِي "الأَوْسَطِ" (5/ 5324).
وَرَوَاهُ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ، عَنْ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، مَرْفُوعًا. عِنْدَ أَبِي نُعَيْمٍ فِي "أَخْبَارِ أَصْبَهَانَ" (3/ 775).
وَ الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُغِيرَةَ بْنَ مُسْلِمٍ خَالَفَ الثَّوْرِيَّ فِي هَذَا الْحَدِيثِ، وَكَفَّةُ الثَّوْرِيِّ أَرْجَحُ؛ لِذَلِكَ وَهَّمَ الدَّارَقُطْنِيُّ الْمُغِيرَةَ، وَاخْتَارَ رِوَايَةَ سُفْيَانَ.
• قُلْتُ: وَالَّذِي يَتَرَجَّحُ عِنْدِي -وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ- أَنَّ رِوَايَةَ الْمُغِيرَةِ عَنْ أَيُّوبَ أَصَحُّ، وَبَدَا لِي ذَلِكَ لِسَبَبَيْنِ:
الأَوَّلُ: أَنَّ الرَّاوِي عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ هُوَ مِهْرَانُ بْنُ أَبِي عُمَرَ الْعَطَّارُ الرَّازِيُّ، وَالرَّاوِي عَنْهُ هُوَ إِسْحَاقُ بْنُ الْفَيْضِ.
فَمِهْرَانُ قَالَ فِيهِ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ كَمَا فِي "التَّقْرِيبِ": صَدُوقٌ لَهُ أَوْهَامٌ، سَيِّءُ الْحِفْظِ. .؛ وَ قَالَ عَنْهُ أَبُو زَكَرِيَّا ابْنُ مَعِينٍ: كَانَ شَيْخًا مُسْلِمًا، كَتَبْتُ عَنْهُ، وَكَانَ عِنْدَهُ غَلَطٌ كَثِيرٌ فِي حَدِيثِ سُفْيَانَ.
فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مِنْ أَوْهَامِهِ، وَمِنْ غَلَطِهِ عَلَى سُفْيَانَ؛ خَاصَّةً أَنَّ هَذَا مِنْ أَفْرَادِهِ عَنْ سُفْيَانَ، وَلَمْ يُتَابِعْهُ أَحَدٌ مِنْ أَصْحَابِ الثَّوْرِيِّ -مَعَ كَثْرَتِهِمْ- عَلَيْهِ، وَهُوَ لَيْسَ أَهْلاً لِلتَّفَرُّدِ.
وَقَدْ نَعَتَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ بِاضْطِرَابِ حَدِيثِهِ، وَسَاقُوا لَهُ أَحَادِيثَ عَنْ سُفْيَانَ لاَ يُتَابَعُ عَلَيْهَا. وَقَالَ ابْنُ حِبَّانَ: يُخْطِىءُ وَ يُغْرِبُ.
أَمَّا إِسْحَاقُ بْنُ الْفَيْضِ، فَقَدْ تَرْجَمَ لَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي "طَبَقَاتِ الْمُحَدِّثِينَ بِأَصْبَهَانَ" (2/ 283/175)، وَقَالَ: عِنْدَهُ أَحَادِيثُ غَرَائِبُ، وَ ذَكَرَ شَيْئًا مِنْهَا.
فَهَذَا الإِسْنَادُ لاَ يَسْتَقِيمُ طَرِيقُهُ إِلَى الثَّوْرِيِّ، وَلاَ يُتَّكَأُ عَلَيْهِ!
الثَّانِي: أَنَّ أَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيَّ تُوبِعَ، تَابَعَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سُوقَةَ مُتَابَعَةً تَامَّةً، بِهِ.
وَ هَذَا يُقَوِّي أَنَّ الْحَدِيثَ مَحْفُوظٌ مِنْ طَرِيقِ نَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ.
أَوَّلاً الْكَلاَمُ عَلَى رِوَايَةِ أَيُّوبَ عَنْ نَافِعٍ:
. . . أَخْرَجَهَا الْبَزَّارُ فِي "مُسْنَدِهِ" (2/ 244/5838)؛ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي "الأَوْسَطِ" (5/ 283/5324)، عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى، حَدَّثَنَا شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، حَدَّثَنَا مُغِيرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ أَيُّوبَ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ:
«مَنْ رَأَى مُصَابًا فَقَالَ: الْحَمْدُ للَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِنْ خَلْقِهِ تَفْضِيلًا، لَمْ يُصِبْهُ ذَلِكَ الْبَلَاءُ».
قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الطَّبَرَانِيُّ: لَمْ يَرْوِ هَذَا الْحَدِيثَ عَنْ أَيُّوبَ إِلاَّ الْمُغِيرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَلاَ عَنِ الْمُغِيرَةِ إِلاَّ شَبَابَةُ، تَفَرَّدَ بِهِ زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى.
• قُلْتُ: وَ هَذَا إِسْنَادٌ حَسَنٌ.
* زَكَرِيَّا بْنُ يَحْيَى، هُوَ ابنُ أَيُّوبَ، أَبُو عَلِيٍّ الضَّرِيرُ الْمَدَائِنِيُّ.
تَرْجَمَ لَهُ الْخَطِيبُ فِي "تَارِيخِهِ" (8/ 457/4571)؛ وَقَالَ الْهَيْثَمِيُّ: لاَ أَعْرِفُهُ.
رَوَى عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الثِّقَاتِ الْحُفَّاظِ؛ وَمِثْلُهُ يَكُونُ مَسْتُورًا يُعْتَدُ بِحَدِيثِهِ فِي الشَّوَاهِدِ، وَ هُوَ صَدُوقٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
* شَبَابَةُ بْنُ سَوَّارٍ، وَ هُوَ فَزَارِيٌّ مَدَائِنِيٌّ.
أَخْرَجَ لَهُ الْجَمَاعَةُ. كَانَ ثِقَةً صَالِحَ الأَمْرِ فِي الْحَدِيثِ، وَكَانَ مُرْجِئًا.
* الْمُغِيرَةُ بْنُ مُسْلِمٍ، أَبُو سَلَمَةَ السَّرَّاجُ الْمَدَائِنِيُّ.
¥