تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولست أدري من أين نقل عبارة أبي داود بهذا السياق، إن لم يكن قد صاغها من كيسه، ثم أخذ يبني على سياقها ولحاقها أحكامًا وتفسيرات!

ولو كلَّف نفسه الرجوع إلى تهذيب التهذيب لوجد أن أبا داود قال في الرجل مرة: «ضعيف»، ومرة: «متروك الحديث»، ولم يسقهما مساقًا واحدًا.

وتفسير قوله: «متروك الحديث» بقوله: «ضعيف» ليس بأولى من عكسه، والحكم بأحدهما تحكُّم.

وقد أعاد المؤلف هنا -مرةً أخرى- فهمَه المغلوط لكلمة: «متروك الحديث»؛ أنها تستلزم التهمة! وسبق ردُّ هذا.

والصواب في كلمة أبي داود: حملها على ظاهرها: الضعف الشديد، وهو محصَّل عبارات الأئمة في خالد بن يزيد -كما سبق بيانه في الدراسة-؛ خاصَّةً إذا روى عن أبيه، وهذا الحديث من ذلك.

17 - قال المؤلف (ص26) بعد فراغه من رواية خالد بن يزيد، عن أبيه، عن عطاء: «ثم إن لخالد هذا متابعًا: فقد أخرجه الطبراني في «الدعاء» (1425)؛ قال: حدثنا عبدالله بن سعد بن يحيى الرقي: حدثنا أبو فروة يزيد بن محمد بن سنان الرهاوي: حدثني أبي عن أبيه عن عطاء بن أبي رباح عن أبي سعيد: (فذكره)» انتهى.

وهذه الرواية اعتبرها المؤلف متابعة لخالد، وهي إلى رواية أبي المبارك السابقة أقرب؛ لاتِّحاد مدارهما (أبو فروة الرهاوي)، ولا أدري ما محلُّها هنا؟

18 - ذكر المؤلف (ص26) في علل هذه الرواية: أنه لم يجد ترجمةً لعبدالله بن سعد -شيخ الطبراني-، ويُنظر في هذا: إرشاد القاصي والداني، للمنصوري (ص375).

والكلام في هذا الراوي ليس بذي ثمرةٍ مهمة؛ فقد توبع متابعتين قاصرتَين فاتتا المؤلف، وسبق تخريجهما في الدراسة، وهما عند المؤمل بن أحمد في فوائده، والقضاعي في الشهاب.

وهذا ينسَحِب على تجهيله ليزيد بن محمد بن سنان؛ إذ إنه متابَع.

19 - اضطر المؤلف (ص27) إلى الإحالة على ما سبق من كلام في يزيد بن سنان الرهاوي، وهذا يدلُّ على أن محلَّ هذه الرواية هناك، لا هنا.

20 - حقَّق المؤلف (ص27) تحقيقًا علميًّا -على حدِّ وصفه- في قضية إسقاط «أبي المبارك» من الإسناد، فحكى أن لُقِيَّ يزيد بن سنان لعطاء وسماعَه منه مُمكن، و «محتمل أن يكون قد سمع الحديث من أبي المبارك عن عطاء، ثم علا فرواه عن عطاء مباشرة»، ثم استدرك، فقال: «وإن كان ضَعفُ يزيد يمنع من الجزم بهذا» انتهى.

وهو هنا يشير إلى احتمال أن الراوي على ضعفه مضطربٌ في روايته، فمرةً يُسقط الواسطة، ومرةً يُثبتها، وهذا مما يزيد وَهنَ الرواية وهنًا، لكنه لم يصرِّح به، وإنما أخذ يطرح هذه التجويزات الباردة!

ثم قال: «أقول هذا كلَّه تحقيقًا علميًّا ... »، وحشَّى هاهنا قائلاً: «ولكي لا يُرْجِع أحدٌ هذا الطريق إلى الطريق السابق نفسه، فيجعلهما واحدًا!» انتهى.

وهذا يُفهم منه: أنه يرى أن هذه الطريق مستقلَّةٌ عن الرواية التي ذُكر فيها أبو المبارك، ولا علاقةَ لها بها، فإن كان هذا الفهم صحيحًا؛ فإن هذا مِن ضعف التأصيل في قضية مدارات الروايات، والاختلافات، والعلل.

بل مدار الطريقين واحد، ومخرجهما واحد، والأمر لا يعدو أن يكون اختلافًا على أبي فروة.

21 - نبَّه المؤلف (ص28) إلى انقطاع ما بين عطاء وأبي سعيد الخدري، وهو تنبيهٌ حَسَنٌ جيِّد.

22 - قال (ص31) في الكلام على حديث عبادة: «عبيدٌ؛ لعِزَّة حديثه لم يعرفه أهل دمشق، ولكنه وُثِّق؛ كما نقله الحافظ أبو سعيد السكري» انتهى.

والنقد من العلوم التي لا يجوز أخذها إلا عن المعروفين بضبطها وإتقانها والاختصاص فيها، ولا تؤخذ عمَّن لم يختصَّ بها أو يتقنها، فضلاً عن المجاهيل وغير المعروفين.

فكيف إذا كان هذا معارَضًا بأهل بلد الراوي الذين لم يعرفوه، ولم يوثقوه؟

23 - قال (ص31) في الكلام على عبيد بن زياد: «فمثله يطمئنُّ القلب له، وبخاصة أنه لم ينفرد به، وليس بمنكر!» انتهى.

فأما عدم انفراده؛ فلا أراه إلا من كيس المؤلف!

وإن لم يكن؛ فأين متابِعُهُ إذن عن جنادة، أو عن عبادة؟!

ومجيء الشواهد لا ينفي التفرُّد في بعض أفرادها.

وأما أنه ليس بمنكر؛ فإن كان استقاه من كلام محمد بن عوف؛ فقد سبق بيان أنه أراد النكارة المعنوية، لا الإسنادية.

وإن كان قالها من نفسه؛ فانفراد المجهول عن الثقة الكبير منكرٌ -بلا شك-.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير