تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أما طريقنا نحن فهو معروف بما يُسمى بالسند: أي أن يرويَ الثقة عن الثقة عن الثقة و هكذا متسلسلا آخذ بعضه عن بعض إلى أن ينتهي الخبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، مع ملاحظة أن هناك أسبابا تمنع أحيانا من الاعتماد على مثل هذه السلسلة التي تسمى بالسند , هذا العلم الذي يدور حول دراسة السند الذي يُقصد به الوصول إلى معرفة ما قاله الرسول عليه السلام , أو ما فعله لنتمكن به من تفسير القرآن , هذا العلم تفردت به الفرقة الواحدة من الفرق الإسلامية كلها قديما و حديثا , و هي أهل السنة والجماعة بالتعبير العام لأنه يدخل فيه كل المذاهب من الناحية الفقهية، أتباع المذاهب الأربعة، كما يدخل فيه أهل المذاهب الكلامية الأخرى ممن أيضا تدخل في دائرة أهل السنة، وإن كان هناك شيء من التحفظ في إدخالهم في هذه الدائرة كالأشاعرة وكالماتوريدية , وسواء قلنا عن هذين المذهبين الكلاميين , أو قلنا عن المذاهب الفقهية الأربعة , فكل هؤلاء وهؤلاء متفقون مع أهل الحديث على أن طريقة معرفة الوصول ما كان عليه الرسول عليه الصلاة والسلام من الهدى ومن بيان القرآن , ليس هناك إلا الإسناد تفردت به أهل السنة دون الطوائف الأخرى , فإذا كان هذا مُسلَّما لدى الفرق بصورة عامة , ولدى مُوجِّه هذا السؤال بصورة خاصة , ولا أعتقد أن أحدا يناقش في صحة هذا المنهج لمعرفة ما كان عليه السلام من الهدى و السيرة , و أكبر دليل على ذلك، أن بعض الأفراد من الأمم الكافرة التي لا تشترك مع الفرق الإسلامية كلها في الشهادة لله عز وجل بالوحدانية , ولنبيه صلى الله عليه و سلم بالرسالة قد اعترفوا - وهذا رغم أنوفهم - بأن ما عند المسلمين مما يُسَمى بالسند لمعرفة التاريخ الإسلامي الأول، هذا شيء تفردت به الأمة الإسلامية , دون الأمم الأخرى , وكما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - بأن الأمة الإسلامية تميزت على أمَّتَيْ اليهود و النصارى بكونها على الهدى و التوحيد، كذلك تميزت أمة الحديث من الإسلاميين على بقية الفرق الأخرى في نهجها هذا المنهج العلمي القائم على السند، وما يلوذ به و يتعلق به من معرفة علم مصطلح الحديث وعلم الجرح والتعديل، فأهل الحديث تفردوا من بين الفرق الإسلامية كلها،كما تفردت الأمة الإسلامية بالهدى و التوحيد من بين الأمم المعتقدة بالأديان كاليهود والنصارى و غيرهم،فهذا كهذا،لذلك أعود لأقول إذا كان مثل هذا السائل أو الناقل يعتقد بصحة هذا المنهج، فنحن نقول لهم حينذاك بأن هذا التسليم الذي يدندنون حوله، و يقولون: بأنه لا ينبغي لأهل السنة أن ينكروا على الشيعة اعتمادهم على كتبهم و على روايات كتبهم، نقول: إنْ كانت كتبهم قائمة على هذا المنهج الصحيح، من أسانيد متصلة و روايات ينبغي معرفة صحتها من ضعفها، حينئذ نقول: الفصل بين أهل السنة و بين الشيعة إنما هو الرجوع إلى الأسانيد،فهل الشيعة عندهم أسانيد كما عند المسلمين؟!

الجواب:لا، وفي اعتقادي أن المقصود من مثل هذا السؤال، أومن مثل هذه الدعوى: بأن للشيعة أن يعتمدوا، هو التمهيد للفرق الأخرى أن يعتمدوا على كتبهم هم كالإباضية مثلا،وكالزيدية مثلا و نحو ذلك من الفرق الإسلامية، كل هذه الفرق، من عرف كتبها فهي فقيرة فقرا مدقعا من حيث أنه لا يوجد لديها أحاديث تروى عن الرسول عليه السلام بكثرة يمكنهم أن يعتمدوا عليها في فهم القرآن الكريم كما يوجد ذلك عند أهل السنة، و عند أهل الحديث بخاصة منهم، لذلك فهذا الذي يقول هذه الكلمة إنما يمهد للفرق الأخرى أن تعتمد على الكتب والروايات التي عندهم.

أعود لأقول:إن كان ما عليه علماء الحديث من الاعتماد على الأسانيد و معرفة الرواة و نحو ذلك مما يتعلق بعلم الجرح و التعديل،و علم مصطلح الحديث هم يؤمنون بصحة هذا المنهج،فنطالبهم بأن يلتزموا نفس المنهج في إثبات ما عندهم من روايات تتعلق بمذهبهم أو بفرقتهم، لكني أقول: إن الواقع أن هذا الطريق إن لم يُسلَّم به، هذا المنهج الحديثي إن لم يسلم به من الفرق الأخرى أو من أهل الأديان الأخرى، معنى ذلك أنهم جميعا لا يستطيعون أن يثبتوا ديانتهم و مذهبهم و ما عليه هم من هدى أو من ضلال , لأنه لا يوجد هناك طريقة و وسيلة أخرى لمعرفة ما كان في الزمن القديم إلا بطريق الإسناد , و إن قالوا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير