قال تعالى حاكياً عن موسى عليه السلام: {قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ (القصص33)}.، {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ} (الشعراء:14)
يؤيد هذا قول القرطبي في تفسير قوله تعالى: {وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ} قال:
(وخاف موسى أن يقتلوه به، ودل على أن الخوف قد يصحب الأنبياء والفضلاء والأولياء مع معرفتهم بالله وأن لا فاعل إلا هو، إذ قد يسلط من شاء على من شاء).
قوله: (أن يقتلوه به): أي بالقبطي الذي قتله موسى عليه السلام.
وقال ابن كثير: (فأخاف أن يقتلون) أي إذا رأوني.
التأويل الثاني: أنه صلى الله عليه وسلم، خاف على نفسه من القتل فتضيع الدعوة، كما قال يوم بدر (اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض).
ــــــــــــــــــــــــــــ
2 ـ قوله: (هرباً من مكة) ليس لفظاً منكراً لا يليق بالأنبياء، إذ أنه صلى الله عليه وسلم خرج من مكة هارباً أخذاً بالأسباب، فمن الأخذ بالأسباب، الهرب، لأنه صلى الله عليه وسلم يشرع للأمة ـ كما تفضلت وأوضحت ـ ولا يجعله منكراً كون دائرة المعارف البريطانية استنكرته، فما هم بعرب ولا يفهمون اللغة العربية. وأنا أنقل لك قول ابن كثير ـ رحمه الله ـ بنصه من الشاملة، (وكل ما نقلته هنا من المراجع فمن الشاملة) قال رحمه الله في تفسير قوله تعالى: {إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ [إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ]} أي: عام الهجرة، لما هم المشركون بقتله أو حبسه أو نفيه، فخرج منهم هاربًا صحبة صدِّيقه وصاحبه أبي بكر بن أبي قحافة فلجأ إلى غار ثور ثلاثة أيام ليرجع الطلب الذين خرجوا في آثارهم، ثم يسيرا نحو المدينة.
فانظر، كلام الشيخ وافق كلام الحافظ رحمة الله على جميع علمائنا.
ــــــــــــــــــــــــــــ
3 ـ قوله: (ضلال وسفه)، يعني قبل النبوة، كما قال الحافظ ابن كثير ـ رحمه الله ـ: {وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ} أي: قبل أن يوحى إليّ وينعم الله عليَّ بالرسالة والنبوة قال ابن عباس، رضي الله عنهما، ومجاهد، وقتادة، والضحاك، وغيرهم: {وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ} أي: الجاهلين.
فما قولك في كلام ابن عباس إمام أهل التفسير؟؟
وأما قولك أن إطلاق السفه على الأنبياء تجاوز خطير و وصف لا يليق بقدرهم و مكانتهم العالية
فإن هذا كان قبل النبوة كما بينت، والسفه فسر بالجهل، أنظر القاموس المحيط مادة (سفه) ..
ــــــــــــــــــــــــــــ
4 ـ قوله: _ (أى من ربه مغاضبا له ظانا أنه لايقدر عليه)
ذكرت أخي الفاضل أن (غفر الله له وهل يتصور ان نبيا هذا شأنه وظنه بالله فقد خالف اهل لتفسير الذين قالوا مغاضباً هنا مغاضبا قومه)
قلتُ: غفر الله لنا ولك، فاعلم يا أخي أن أهل التفسير اختلفوا في تفسير هذا الحرف فمنهم من قال مغاضباً لربه، ومنهم من قال مغاضباً قومه.
وانظر ـ بارك الله فيك ـ تفسير الطبري الذي اختار التفسير الأول، ولسنا بصدد الترجيح هنا لكن
قال الشوكاني في فتح القدير: (إذ ذهب مغاضباً: قال النحاس: وربما أنكر هذا من لا يعرف
اللغة، وهو قول صحيح والمعنى مغاضباً من أجل ربه، كما تقول غضبت لك أي من أجلك).
ولله در العلامة الشنقيطي فإنه قال في أضواء البيان: (واعلم أن قول من قال " مغاضباً" أي مغاضباً
لربه كما روي عن ابن مسعود وبه قال الحسن والشعبي وسعيد بن جبير واختاره الطبري والقتبي
واستحسنه المهدوي يجب حمله على معنى القول الأول أي مغاضباً من أجل ربه).
أما قوله تعالى: (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) (الانبياء: من الآية87) يعني: ظن أن لن نضيق عليه كما
قال ربنا جل وعلا: (فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ) (الفجر: من الآية16). والله تعالى أعلى وأعلم
وبعد .. أخي الفاضل .. مما سبق يتبين لك أن العلامة السعدي لم يخطيء ولم يبتدع قولاً في التفسير لم يقله أحد من أهل التفسير قبله، وبهذا يصدق قول أخينا أبي محمد القحطاني: (ولكن كبار أهل العلم ينبغي عدم التسرع في نقدهم، خصوصاً الذين اجتمعت كلمة الناس عليهم والسعدي رحمه الله أنموذج على ذلك).
والحمد لله، لسنا من الذين يؤله علماءنا أو ندعي لهم العصمة.
ويا أخت هيام المصرية، اهدأي بالاً، واهنأي بالتفسير الذي بين يديك فإنه من أحسن التفاسير المختصرة كما أشار الأخ الفاضل/ أشرف بن محمد؟
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
ـ[عبدالله الميمان]ــــــــ[17 - 10 - 07, 09:07 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي عبدالحميد على إفادتك واعتذارك.
ـ[عبد الحميد الفيومي]ــــــــ[17 - 10 - 07, 09:21 م]ـ
جزاك الله خيرا أخي عبدالحميد على إفادتك واعتذارك.
جزانا وإياك أخي الفاضل
ـ[أبو يوسف التواب]ــــــــ[17 - 10 - 07, 10:02 م]ـ
أحسنت أخي عبدالحميد وأجدت
ـ[عبد الحميد الفيومي]ــــــــ[17 - 10 - 07, 10:28 م]ـ
بارك الله فيك أخي أبو يوسف
اللهم اجعل كل أعمالنا خالصة لوجهك الكريم، واجعلها في موازين حسناتنا يا قادر يا كريم
¥