تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لكننا نسأل هل يجوز إسناد النسيان إلى الله سبحانه وتعالى على وجه الحقيقة التي يعلمها الناطقون باللغة العربية وهي صفة نقص في المسندة إليه أم أن ذلك تعبير عن حرمانهم من فضله وإحسانه في ذلك اليوم فهو بذلك مجاز؟

وهناك نصوص أخرى من المشاكلة فيها المجاز جاءت في غير الله سبحانه فمنها قوله تعالى} فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم {الآية 194 من سورة البقرة.

} وجزاء سيئة سيئة مثلها … {الآية 40 من سورة الشورى،} ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن، قل أذن خير لكم {الآية 61 من سورة المائدة.

وقد شرح د. المطعني وجه المجاز في كل آية.

الدليل الرابع: وهو أشهر الأدلة التي يستدل بها جمهور الأمة وأعلامها يقول إمامنا الشافعي في (الرسالة) تحت عنوان: (الصنف الذي يبين سياقه معناه): قال الله تبارك وتعالى} واسألهم عن القرية التي كانت حاضرة البحر إذ يعدون في السبت إذ تأتيهم حيتانهم يوم سبتهم شرّعا ويوم لا يسبتون لا تأتيهم، كذلك نبلوهم بما كانوا يفسقون {(الآية 163 من سورة الأعراف) فابتدأ جل ثناؤه ذكر الأمر بمسألتهم عن القرية الحاضرة البحر فلما قال:} إذ يعدون في السبت {دل على أنه إنما أراد أهل القرية لأن القرية لا تكون عادية ولا فاسقة بالعدوان في السبت ولا غيره، وأنه إنما أراد بالعدوان أهل القرية الذين بلاهم بما كانوا يفسقون «ثم قال:

» وقال} وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة وأنشأنا بعدها قوما آخرين. فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون {(الآيتان 11،12 من سورة الأنبياء) وهذه الآية مثل الآية قبلها فذكر قصم القرية فلما ذكر أنها ظالمة بان للسامع أن الظالم إنما هم أهلها دون منازلها التي لا تظلم. ولما ذكر القوم المنشئين بعدها وذكر إحساسهم البأس عند القصم أحاط العلم أنه إنما أحس البأس من يعرف البأس من الآدميين «أ. هـ الرسالة ص 62 - 63.ومعلوم أن الإمام الشافعي حجة في اللغة.

يقول العلامة د. المطعني:» وأكاد أجزم أنه أراد بالسياق ما فيه من قرينة دالة على التجوز وهي كما قال: إن القرية باعتبارها مكانا لا تكون فاسقة ولا عادية ولا تكون ظالمة ولا تحس ألم البأس وغير خاف أن الإمام الشافعي يحمل المطلق (القرية باعتبار المكان) على المقيد (القرية بمعنى من فيها من الأهل) وهذا غير ما ذهب إليه الإمام ابن تيمية من إبقاء القرية على ظاهرها حين يتحدث عنها وقد بالغ في هذا حيث قال: (ونظير ذلك لفظ الإنسان يتناول الجسد والروح ثم الأحكام تتناول هذا تارة وهذا تارة لتلازمها، فكذلك القرية إذا عذب أهلها خربت وإذا خربت كان عذابا لأهلها فما يصيب أحدهما من الشر ينال الآخر كما ينال الجسد والروح ما يصيب أحدهما) فهل يا ترى يذهب الإمام ابن تيمية إلى القول بأن الخراب الواقع على القرية هو عقاب لها من حيث أنها قرية ومنازل؟!! «أ. هـ المجاز ص 816 - 817.

قلت كان الأولى بابن تيمية في هذا النص أن يقول: فكذلك القرية إذا عذب أهلها عذبت وإذا خربت خرب جسد كل فرد من أهلها! وقد سبق له في كتاب الإيمان أن قال:» فقيل لهم: لفظ القرية والمدينة والنهر والميزاب وأمثال هذه الأمور التي فيها الحال وكلاهما داخل في الاسم ثم قد يعود الحكم على الحالّ وهو السكان وتارة على المحل وهو المكان وكذلك في النهر يقال حفرت النهر وهو المحل وجرى النهر وهو الماء ووضعت الميزاب وهو المحل وجرى الميزاب وهو الماء «أ. هـ الإيمان 108.

كل هذا كما قيل في الدليل الأول يثبت أن العرب كما قلنا نطقت بالحقيقة وبالمجاز واستعملت هذا وذاك من أساليبها وها هو يثبت في كلامه اعتبار العلاقة بين المعنى الأصلي والمعنى المجازي المنقول إليه عندما شبه القرية وسكانها بجسد الإنسان وروحه وهو يعترف بالقرائن الدالة على إرادة المعنى المجازي والصارفة عن المعنى الحقيقي فماذا لايقر بالمجاز لفظا ومعنى كباقي الأمة؟

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير