تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وانظر إلى كلام الإمام الشافعي يشير بلفظ (السياق) إلى القرينة اللفظية الموجودة في الكلام ثم ذكر النوع الآخر للقرينة وهي القرينة الحالية المعنوية فيقول تحت عنوان (الصنف الذي يدل لفظه على باطنه دون ظاهره):» قال الله تبارك وتعالى وهو يحكي قول أخوة يوسف لأبيهم} ما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين. واسأل القرية التي كنا فيها والعير التي أقبلنا فيها وإنا لصادقون {(الآيتان 81، 82 من سورة يوسف) فهذه الآية في مثل معنى الآية التي قبلها لا تختلف عند أهل العلم باللسان أنهم إنما يخاطبون أباهم بمساءلة أهل القرية وأهل العير، لأن القرية والعير لا ينبئان عن صدقهم «الرسالة ص 64.

والقرينة الحالية المعنوية هنا كما يقول الإمام (لأن القرية والعير لا ينبئان عن صدقهم) فهورحمه الله يؤول لفظ القرية بأهلها ولفظ العير بأهلها أيضاً ولا يبقي اللفظ على ظاهره كما يفعل الإمام ابن تيمية.

ونحن نسأل لو قال قائل (ذهبت إلى قرية كذا) أو (ذهبت إلى العير) بدون أية قرينة أو إضافة أليس المتبادر إلى ذهن السامع أنه ذهب إلى القرية التي هي مكان وأبنية وأن الآخر ذهب إلى العير التي هي الجمال (الحيوانات) المعروفة؟ فكلام الإمام الشافعي والأمة كلها معه – يبين أن هذا هو المفهوم من اللفظ حيث إنه لا توجد قرينة تنفي هذا المفهوم أما على طريقة تقرير الإمام تقي الدين ابن تيمية فيجوز أنه ذهب إلى القرية التي هي مكان وأبنية ويجوز أنه ذهب إلى أهلها حتى وإن كانوا خارجها!، ومن ذهب إلى العير يجوز أنه ذهب إلى الحيوانات المعروفة ويجوز أنه ذهب إلى أصحابها في منازلهم بعيداً عن الحيوانات! وهل الإمام الشافعي القرشي الذي هو بإجماع أهل العلم حجة في اللغة العربية، والمولود سنة مائة وخمسين من الهجرة وأدرك أتباع التابعين كالإمام مالك t فبينه وبين الصحابة جيلين فقط ونشأ في مكة المكرمة وسط قريش أفصح العرب وتعلم لغة العرب من مصادرها النقية، أقول هل هذا الإمام الفذ لا يعرف أساليب العرب في التعبير ولا يدرك ما اكتشفه الإمام ابن تيمة في القرن الثامن من أن الألفاظ السابقة ونظائرها حقائق على ظاهرها في جميع الاستعمالات؟ وكذا أبو عبيدة معمر بن المثني ومن قبله أبو زيد القرشي وأبو عمر بن العلاء وأبو حنيفة الذي عاصر أربعة من الصحابة وصاحباه وغيرهم مما يكاد أن يكون إجماعا من الأمة في ذلك العصر، بل هو كذلك بالفعل فلم يكن الشافعي معبراً عن رأيه هو بل عن فكر الأمة كلها فهل كل هؤلاء أخطأوا ونقلوا لنا العربية بصورة غير صحيحة؟!

هل كان الإمام ابن تيمية يعتقد صحة كلامه في بطلان المجاز؟

يلاحظ أن ابن تيمية مر بثلاث فترات كان له فيها موقف مختلف في موضوع المجاز.

الفترة الأولى: في نشأة حياته العلمية: وألف فيها (رفع الملام عن الأئمة الأعلام) الذي أطراه وأثنى عليه كمال الدين بن الزملكاني، واستخدم المجاز في الدفاع عن أئمة المذاهب في موضعين أشار إليهما د. المطعني، ويبدو أنه ألف فيها أيضاً رسالة (الحقيقة والمجاز في صفات الله) ردا على سؤال لشيخ سماه (شمس الدين) ونشرها محمد عبد الرازق حمزة، عقب الفتوى الحموية مباشرة وفيها يقر بالمجاز بدون تحفظ.

الفترة الثانية: وهي التي ألف فيها الفتوى الحموية وبدأ يتحفظ فيها في الكلام على المجاز وإن كان ظاهر كلامه الإقرار به في اللغة ومنع تطبيقه في مسائل صفات الله لما رأى تصادم آرائه في العقيدة مع إباحته للمجاز وفي خلال هذه الفترة تصاعدت خلافاته مع علماء عصره.

الفترة الثالثة: إنكاره للمجاز مطلقاً في اللغة والقرآن والسنة وعلى نفس طريقته سار تلميذه ابن قيم الجوزية بعد وفاة ابن تيمية إذا ناقش موضوعات الصفات والنصوص التي يوهم ظاهرها التشبيه تراه يسرع في إنكار المجاز وإبطاله بكل ما أوتي من قوة حتى يؤكد اسلوب تقرير العقيدة اللذي قرره الإمام ابن تيمية فإذا ناقش أفكاراً أخرى تحتاج جزماً إلى التأويل فيجنح إلى المجاز.

أورد الدكتور المطعني في كتابه تحت عنوان: (التأويل المجازي في أعمال ابن تيمية) حوالي سبعة عشر مثالا تغطى كل أنواع المجاز ومنها خمسة نماذج في صفات الله عز وجل منها تأويل (الرؤية والسمع) انظر ص 834.

ثم ذكر ورود المجاز صريحاً في أعمال ابن تيمية فأورد عشرة أمثلة ذكر فيها المجاز نصا واعترف به.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير