فلا وجه لمتابعة الإمام العلامة ابن تيمية في هذا الخطأ فإنه تقليد خاطىء وتعصب مذموم لا يرضاه الإمام رحمه الله
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه.
ـ[أبو عبد المعز]ــــــــ[18 - 04 - 06, 05:54 ص]ـ
لماذا أنكر شيخ الاسلام المجاز فى اللغة؟
معظم الذين نقدوا رأي ابن تيمية ذهبوا الى ان شيخ الاسلام يصدر فى رأيه هذا من منطلقات عقدية .... فيرون انكاره المجاز من باب سد الذريعة .... فقط: فلما كان ابن تيمية لا يقبل تأويل الاسماء والصفات الالهية .. فقد ضحى فى سبيل ذلك بالمجاز نفسه ... بمعنى ان انكار المجاز ليس بالقصد الاول بل بالقصد الثاني .....
هذا الرأي فى نظري بعيد من الصواب .... بل ان شيخ الاسلام كان يصدر من منطلقات لغوية .... وفى نقاشه للمجاز .. كان فى قلب البحث اللغوي ... بغض النظر عن نتائجه العقدية ... وهذا ما سنعرض له فى هذا البحث .....
اولا: رفض ابن تيمية لنظرية المجاز ..... بسبب هشاشتها .. وعدم وضوح مسلماتها ...
نظرية المجاز رهينة بنظرية الوضع .... فإن سلمت الاخيرة سلمت معها الاولى .... لكن هيهات ... فمسلمة "الوضع"تضرب فى اعماق الغيب .... ولا يمكن الاستدلال عليها ... وهذا القدر وحده يكفي للتشكيك فى مصداقية المجاز .... عند علماء المناهج .... وفقهاء العلم .. وهذا بيان ذلك:
عرف صاحب الايضاح: الحقيقة الكلمة المستعملة فيما وضعت له في اصطلاح به التخاطب
...... والمجاز وهو ما استعمل فيما لم يكن موضوعا له لا في اصطلاح به التخاطب ولا في غيره ...
قال ابن جني في الخصائص: الحقيقة ما أُقرّ في الاستعمال على أصل وضعه في اللغة والمجازُ: ما كان بضدّ ذلك ......
يلاحظ ان مفهوم"الوضع"ضروري لقيام المجاز ... واصل له ... فلا يصبح المجاز ممكنا .. الا إذا ثبت وضع سابق ..... لكن الوضع السابق هو مجرد دعوى .... فكيف تصمد نظرية المجاز؟
فلنستمع الى الامام ابن القيم .... وهو يقول:" ... وهذا كله انما يصح إذا علم ان الالفاظ العربية وضعت اولا لمعان ثم استعملت فيها ..... ثم وضعت لمعان اخر بعد الوضع الاول والاستعمال بعده ... ولا تتم لكم دعوى المجاز الا بهذه المقامات الاربع ...... "
فالقول بأن"الاسد"يرادبه الانسان ... مجاز ........ يفترض ما يلي:
وضع اول لكلمة "اسد"يراد بها الحيوان المعروف .....
استعمالها للدلالة عليه ... دلالة حقيقية
وضع ثان لكلمة اسد يراد بها الانسان ..
استعمالها للدلالة عليه ... دلالة مجازية ..
هذا الترتيب .. لا يرتضيه ابن القيم ... ويرى -عن حق-انه قول بلا علم .. وهو حرام فى حق المخلوق فكيف فى كلام الله ورسوله صلى الله عليه وسلم ... فمن يمكنه من بني آدم ان يثبت ذلك؟
وقد ينكر الوضع الثاني ... فيقال بل هنا وضع واحد واستعمالان ... لكن هذا لا يغير من القضية شيئا ... فالمشكلة فى الوضع الاول ....
لكن لماذا كان "الوضع" مشكلا؟
لاننا مهما نظرنا الى الوضع ... ومهما غيرنا ادوات الاستفهام ... لا نجد جوابا قطعيا شافيا:
متى كان الوضع؟
من الواضع؟
كيف كان الوضع؟
اين تم الوضع؟
لا سبيل الا طرح دعاوى .... والتيه فى نظريات ميتافزيقية ... متكافئة ...
فالواضع .... هو الله تعالى فى نظرية ..... وهو الانسان فى نظرية اخرى .... وهو الالهام فى نظرية ثالثة ...
كيف تم الوضع .... قيل اتفقت مجموعة انسانية ... على وضع الفاظ بعينها لمسميات بخصوصها ... وهذا التعليل متهافت ... لان كلمة "اتفقت"تفترض لغة سابقة ... وهذا تناقض ...
وقيل وضعت الالفاظ محاكاة لاصوات الحيوانات ... وهذا غير مقبول ... فالانسان ارقى من الحيوان ... فلا يقلد الاعلى الادنى ... فضلا على ان الاسلام لا يقبل ابدا مفهوم" الانسان البدائي ... "فهذا المفهوم نشأ فى بيئة ملحدة ... تقوم على خرافة التطور .... وقيل وضعت الالفاظ محاكاة لاصوات الطبيعة ... كما نجد فى بعض الفاظ العربية ما يحاكي اصوات الشيء المعبر عنه ... من قبيل "عواء" و"مواء"و "قضم" و"حفيف" ..... لكن الكثرة الكاثرة من الالفاظ لا تقلد صوتا ولا صدى ... بل ان لغويي اليوم يرون العلاقة اعتباطية بين الدال والمدلول ....
ثم يأتي الاشكال الاكبر .... اين النقل الصحيح؟؟؟ لان مسألة المواضعة مسألة نقلية لا دخل للعقل فيها ...
بعد هذا .... الم يكن شيخ الاسلام اولى بالحصافة المنهجية من غيره ... عندما رفض فكرة الوضع ... وأبى ان يستخدمها فى نظريته اللغوية .....
ولكن ما الحل البديل لنظرية"الوضع"؟
¥