(وحدث أبو حيان التوحيدي قال: قال الصاحب يوماً: فَعْل (ويريد ما كان منه صحيح العين، ليس من الأنواع التي ذكروها) وأفعال قليل، ويزعم النحويون أنه ما جاء منه إلا زند وأزناد، وفرخ وأفراخ، وفرد وأفراد .. فقلت له: أنا أحفظ ثلاثين حرفاً كلها فعل وأفعال، فقال: هات يا مدعي. فسردت الحروف ودللت على مواضعها من الكتب ثم قلت: ليس للنحوي أن يلزم مثل هذا الحكم إلا بعد التبحر والسماع الواسع، وليس للتقليد وجه إذا كانت الرواية شائعة والقياس مطرداً .. وهذا كقولهم: فَعيل على عشرة أوجه، وقد وجدته أنا يزيد على أكثر من عشرين وجهاً، وما انتهيت في التتبع إلى أقصاه. فقال: خروجك من دعواك في فَعْل يدلنا على قيامك في فَعِيل). اهـ
وقد يفهم من كلام التوحيدي أيضا شيء آخر هو أن الكثير الذي يباح عليه القياس يتحقق بورود ثلاثين مثالا مسموعة منه، والحق أن هذا فوق الكثير المبالغ فيه فيما أرى؛ لأنه ساقه في معرض التحدي وإثبات الحفظ والمعرفة كما يفهم من روح القصة – لا مجرد نقل المسموع الذي يؤيده.
وجاء على لسان أحد أعضاء المجمع اللغوي القاهري (وهو الأب أنستاس الكرملي) ما يأتي منقولا من محاضر جلسات دور الانعقاد الرابع ص 51:
(إن النحاة لم يصيبوا في قولهم: إن (فَعلا) لا يجمع على أفعال إلا في ثلاثة ألفاظ لا رابع لها: وهي زند وأزناد، وفرخ وأفراخ، وفرد وأفراد، وأكد ابن هشام أن لا رابع لها. والذي وجدتُه أن ما سمع عن الفصحاء من جموع: فَعل على أفعال أكثر مما سمع من جموعه، - أي المطردة – على: أفعُل، أو فِعال، أو فُعول، فعدد ما ورد على أفعُل هو (142) اسما، وعلى فَعال (221) اسما، وعلى فعلان (كذا: ولعل الصواب: فعول) هو 42 اسما، فأن يسلموا بجمعه قياسا مطردا على (أفعال) أحق وأولى. لأن عدد ما ورد فيها هو 340 لفظة وكلها منقولة عنهم، لورودها في الأمهات المعتمدة، مثل القاموس واللسان).
ثم قال:
(يحق للمجمع ألا يعتمد على مجرد الأقوال التي تداولها النحاة ناقلين الأقوال الواحد عن الآخر بلا اجتهاد ولا إمعان في التحقيق بأنفسهم. أما الذي يؤيده الاجتهاد فمخالف لما أثبتوه. وقد حان الوقت أن ينادي المجمع على رءوس الملأ بهذه القاعدة الجديدة المبنية على أقوال الأئمة الفصحاء .. )
ثم ذكر بعد هذا أن كل الأمثلة التي وجدها هي لصحيح العين والفاء ..
والله أعلم.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[12 - 09 - 06, 12:11 ص]ـ
جزاك الله خيرا أيا مشرفنا الفاضل
وكلام الكرملي هذا خطأ كبير، وقد تبعه عليه - ويا أسفا - كثير من المعاصرين، ولكن (عين الرضا عن كل عيب كليلة)، و (حبهم الشيء يعمي ويصم).
وقد كنتُ كتبتُ ردا على هذا الكلام في مسودة عندي منذ زمن طويل.
وإن شاء الله سأعاود النظر في مسودتي وأوافيكم بما عندي في هذه المسألة هنا أو في موضوع مفرد، والله المستعان.
ولستُ أعني هذا المثال بخصوصه، وإنما أعني قاعدتهم المزعومة في (جواز القياس على ثلاثين مثالا).
وفقنا الله وإياكم لما يحبه ويرضاه
ـ[عصام البشير]ــــــــ[12 - 09 - 06, 01:18 م]ـ
أحسنتم.
وأنا بانتظار بحثكم في المسألة.
وأيضا لو أمكن أن تفصلوا شيئا ما قولكم آنفا:
(بعض النحويين (أظن من الكوفيين) جوز جمع فعل على أفعال إذا كانت عينه حرف حلق).
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[17 - 09 - 06, 09:10 ص]ـ
وفقك الله أستاذنا الفاضل
نقل ابن درستويه في شرح الفصيح - كما في المزهر - عن بعض أهل اللغة أن كل ما كان ثانيه حرف حلق يجوز تسكينه وتحريكه، نحو شعْر وشعَر ونهْر ونهَر.
وذكر ابن السيد البطليوسي في شرح أدب الكاتب أن هذا موقوف على السماع.
فإن كانت عين (فَعْل) الساكنة حرف حلق جاز فيه التحريك على قول هؤلاء، ومن ثم ينطبق عليه قياس قول النحويين في جمع فَعَل على أفعال.
والله أعلم.
ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[17 - 09 - 06, 09:43 ص]ـ
وفقكم الله وسدد خطاكم
هذا ما وجدتُه في مسودتي مورخا في 1414هـ - ولينظر في أخطائه؛ لأني كتبتُه في غرور الشباب:
((
القياس والسماع