تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وعندما دعا داعي الجهاد، واشتعلت ثورة 1936م، هاجمت قوات بريطانية مكتب الحزب العربي الفلسطيني بهدف اعتقال عبدالقادر ورفاقه، لكنهم لم يعثروا عليه، وظهر فجأة في إحدى المناطق الجبلية، وأعلن قيام الثورة المسلحة، وبدأت بعضُ الفصائل بمهاجمة القوات البريطانية وتجمعات العصابات اليهودية، وكلَّف البريطانيين الكثيرَ من الخسائر، وتولى في بعض مراحل الثورة قيادةَ منطقة القدس الشريف.

• التدريب في ألمانيا:

ولما وجد (عبدالقادر الحسيني) أن المواجهات القادمة ستكون أكثر حدة وأهمية، قرر بالتشاور مع بعض رفاقه أن يتوجه إلى ألمانيا عدو بريطانيا للوقوف على أحدث أساليب صنع المتفجرات، وبالفعل مكث هناك ستة أشهر أفاد خلالها كثيرًا من المعلومات الحربية الحديثة.

وعاد إلى فلسطين سرًا، وأغار مع رفاقه على بعض المعسكرات البريطانية الحربية، وتمكنوا من السيطرة على أجزاء منها، بعد أن غنموا الكثير من السلاح، واستاء الإنجليز من الوضع، فقرروا ملاحقة الثوار، وضربوا في خريف عام 1938م حصارًا واسع النطاق حول منطقة بني نعيم الواقعة بين بيت لحم، والخليل، وقدر أحدُ المجاهدين عدد القوات البريطانية المهاجمة بخمسة آلاف جندي، ونشِبت معركةٌ حامية بين الطرفين غير المتكافئين، واستمرت المعارك أكثر من عشر ساعات، واستطاعت الطائراتُ البريطانية حسم المعركة لصالحها، وأصيب عبدالقادر بإصابات متوسطة، فنقله رفاقه إلى المستشفى بالخليل، ثم نقلوه سرًا حتى الحدود السورية، وحكمت عليه السلطات البريطانية بالإعدام.

• رحلته إلى العراق:

وإثر اندلاع الحرب العالمية الثانية، هدأت الثورة في فلسطين، وانصرف كثير من المجاهدين لممارسة حياتهم الاعتيادية، بينما توجه (عبدالقادر الحسيني) إلى بيروت، حيث حصل من القنصل العراقي فيها على جواز سفر عراقي تحت اسم "يوسف الصايغ"، وأصبح عبدالقادر عراقيًا خلال نصف ساعة، وبعد يومين كان يطوفُ شوارع بغداد هازئًا بالإنجليز ساخرًا من الفرنسيين.

وأقام عبدالقادر وأسرته بحي الكرادة الشرقية ببغداد، وكان موضعَ حفاوة وتَرحاب من الشعب العراقي، وعمل أستاذًا لمادة الرياضيات في المدرسة العسكرية بمعسكر الرشيد، وكذلك في مدرسة التفيض المتوسطة، والتحق كذلك بدورة لضباط الاحتياط بالكلية العسكرية أول شهر إبريل عام 1940م، وبعد ستة أشهر انتهت الدورة، وتخرج عبدالقادر بعدها برتبة ضابط.

وحدث في عام 1941 أن أقدم الإنجليزُ على تنفيذ عدة أعمال انتقامية استفزازية ضد الحكومة الوطنية الشرعية في العراق بزعامة "رشيد علي الكيلاني" رئيس الوزراء. ووقع الصدام المتوقع بين الجانبين، ورأى الثوارُ الفلسطينيون في العراق حتمية مساندتهم للشعب العراقي في محنته، فاشتركوا بصورة فعلية ومؤثرة في القتال بقيادة عبدالقادر الحسينى، فأبلوا في المعارك بلاء حسنًا خاصة في منطقة صدر أبي غريب.

وبعد شهر من القتال استطاع الجيشُ البريطاني الكثيف في عَدده وعُدته أن يتغلب على المقاومة الوطنية، وأذاع راديو لندن في حينه أن المقاتلين الفلسطينيين هم آخر من انسحب من ميدان المعركة، واتقاء لبطش الإنجليز فقد اضطروا لمغادرة العراق لجوءاً إلى إيران برًا، لكن السلطات الإيرانية لم تسمح لهم بدخول أراضيها، فعادوا ثانية إلى بغداد، وحاولوا التسلل إلى الحدود السورية، لكن المخابرات البريطانية تعقبت بعضهم، وقبض على (عبدالقادر الحسيني)، وسيق للمحاكمة أمام محكمة عسكرية عراقية بتهمة أنه ومن معه من الفلسطينيين أوقفوا الجيش البريطاني عشرة أيام، وأخروا زحفه على بغداد، وحكم عليه وعلى عدد من إخوانه بالسجن، كما ذكر المؤرخ عارف العارف في كتاب "النكبة".

وفور صدور الحكم هب الكثيرون من أحرار العراق لنصرته بسبب تدني صحته، وفي مقدمتهم (سعيد ثابت) و (إبراهيم عطار باشي)، فوافقت السلطاتُ المسؤولة على تغيير الحكم إلى النفي والإقامة الجبرية له ببلدة زاخو بأقصى شمال العراق قرب الحدود مع تركيا. كما مثلت أمام المحاكمة زوجته المجاهدة "وجيهة الحسيني"، بحجة مساعدتها وإيوائها للثوار، فحكم عليها بالإقامة الجبرية، في بيتها ببغداد، وقد أمضت عشرين شهرًا تحت الحراسة في المرحلة الأولى، وهى المدة نفسها التي قضاها زوجها في زاخو.

• تدخل الملك عبدالعزيز:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير