تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

قيام الكاثوليك بغزو بلاد المغرب وتحويل المسلمين المغاربة إلى الدين النصراني، ورفع علم الصليب المسيحي عليه بدلا من أعلام الهلال الإسلامي. وظلت سبتة تحت الإحتلال البرتغالي في يد الإسبان عام 1735م، فدخلت تحت التاج الإسباني ولم تخرج إلى اليوم.

وقد حاول المغاربة في القرون التالية لاحتلال المدينتين استعادتهما من قبضة الغزو الصليبي النصراني، وكان أبرز هذه المحاولات محاولة المولى إسماعيل في القرن السادس عشر الميلادي، حيث حاصر المسلمون في هذه الفترة مدينة سبتة ولم يقدر لهم أن يفتحوها، وكذلك محاولة المولى محمد بن عبد الله عام 1774م لمحاصرة مدينة مليلية، ولم يفلح المسلمون في تخليصها من يد الإسبان.وقد بذل سكان المدينتين من المسلمين جهودا كبيرة للتمرد على واقع الاحتلال في نهايات القرن الثامن عشر وبداية القرن العشرين، وبين عامي 1921و1926م قاد البطل المغربي محمد بن عبد الكريم الخطابي ثورة ضد الإسبان في الشمال المغربي، لكن إسبانيا تصدت لها بالتحالف مع دول أوربية أخرى بعد أن أشعلت ثورته شرارة الجهاد في المدينتين. وحاول الجنرال فرانكو دغدغة المشاعر القومية لسكان سبتة ومليلية لدعمه في حربه ضد حكومة الجبهة الشعبية، إذ وعدهم بمنحهم الإستقلال إذا ما تولى السلطة في إسبانيا، واستطاع بذلك تجنيد الآلاف منهم في الحرب الأهلية الإسبانية عام 1936م دون أن يفي بوعده لهم.

وهكذا ظل هذان الثغران المسلمان يدفعان الثمن باستمرار في كل مرة، مرة لموقعهما الجغرافي على الواجهة بين أوربا وإفريقيا، ومرة لوقوفهما مع الجنرال فرانكو، وثالثة بسبب زحف المسلمين من سبتة نحو شبه الجزيرة الإيبيرية.

خطة أسبنة المدينتين

منذ احتلال المدينتين بذلت جهود متصلة لطمس المعالم الإسلامية فيهما، جهود لا تتميز في شيء عن تلك التي بذلها الصليبيون والتتر والمغول في كل بقعة إسلامية وضعوا أيديهم عليها، أو تلك التي يبذلها الصهاينة في فلسطين اليوم، فدكت الصوامع وهدمت المساجد. ويذكر المؤرخون أنه عندما سقطت مدينة سبتة كانت مآثرها تفوق مآثر القيروان، إذ كان بها ألف مسجد ونحو مائتين وخمسين مكتبة، ولم يبق من هذه المعالم الحضارية الإسلامية سوى مساجد قليلة لا تزيد عن أصابع اليد الواحدة، بينما حرف الإسبان اسمها إلى \" سيوتا \".

وقد وضعت إسبانيا إجراءات قانونية عدة للحد من هجرة المسلمين نحو المدينتين، بهدف محو الوجود الإسلامي بالتدرج، وشجعت بالمقابل الهجرة الإسبانية وهجرة اليهود الذين تزايد عددهم في الستينيات والسبعينيات خصوصا في مدينة سبتة، وهجرت البوذيين وهجرة الأفارقة، كما ضيقت على السكان المسلمين هناك ومنعتهم من تراخيص البناء وحاصرت نشاطاتهم الدينية والثقافية.

وللحد من أعداد المسلمسن في مدينة سبتة أصدرت سلطات مدريد قانونا يعتبر بموجبه كل من يولد في مدينة سبتة إسباني الهوية.وخلال سنوات الاحتلال لم تكف إسبانيا عن سياسة \" أسبنة \" المدينتين نهائيا لابتلاعهما وتغيير هويتهما العمرانية والسكانية، عازمة على تأبيد الاحتلال ووضع غطاء الشرعية عليه، مستبقة أي مطالبة مغربية باستعادة المدينتين، وفارضة أمرا واقعا سيكون إلى جانبها في أي مفاوضات مع المغرب بهذا الشأن، وكان الجنرالات الإسبان يعلنون دائما أن حكومتهم \" لن تعيد المدينتين بالسهولة نفسها التي تخلت بها فرنسا عن الجزائر الفرنسية \".

اتفاق مدريد السري

في شهر نوفمبر عام 1975م طالب \" خوان كارلوس \" لدى تتويجه ملكا على عرش إسبانيا بعد القضاء على نظام \" فرانكو \" بضروة استعادة السيادة الإسبانية على جبل طارق الذي تحتله بريطانيا مند سنة 1713م، وقد دفع هذا الموقف السلطات المغربية إلى التفكير جديا في مصير المدينتين السليبتين، ومنذ ذلك الوقت لم يفتأ الملك الحسن الثاني يعلن باستمرار أن حل قضية جبل طارق بين إسبانيا وبريطانيا سيكون بداية الحل لقضية سبتة ومليلية بشكل أوتوماتيكي، على اعتبار أن ما تطالب به إسبانيا تجاه بريطانيا يدفعها إلى تفهم الموقف المغربي تجاهها.

لكن قضية الصحراء التي استرجعها المغرب من ايد المحتل الاسباني في 1975م حالت بينه وبين طرح مصير المدينتين حتى لا يضع كل البيض في سلة واحدة ويخسر الملفين معا.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير