تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

المفاوضات التي كانت تجرى بين الرباط ومدريد سنة 1975م بشان الأقاليم الصحراوية، اشترطت إسبانيا على النظام المغربي الإلتزام بشرطين أساسيين: الأول أن يسمح المغرب لأسطول الصيد الإسباني بالصيد في المياه الصحراوية المغربية المقابلة لجزر الكناري، والثاني: أن يمتنع المغرب عن طرح ملف سبتة ومليلية قبل مرور عشر سنوات على اتفاقيات مدريد التي وقعت عام 1976م.وقد ظلت هذه البنود السرية في الإتفاق تمنع المغرب من طرح موضوع حقوقه السيادية في المدينتين المحتلتين، لكنها في المقابل أطلقت يد إسبانيا لتسريع وتيرة \"الأسبنة\" في المدينتين خلال تلك العشرية المذكورة ووصلت ذروتها عام 1985م حين منحت إسبانيا المدينتين وضعية \" المدن المستقلة \". وقد وضع حزب الإتحاد الإشتراكي الإسباني الحاكم خلال فترة الثمانينيات في عهد \" فيليب جونثاليت \" مخططا سريا لتغيير الأوضاع في المدينتين لصالح الحكومة الإسبانية، استعدادا لانتهاء مدة اتفاقية مدريد في عام 1986م. وشمل هذا المخطط عرقلة امتلاك المغاربة للممتلكات العقارية في المدينتين، والطرد الممنهج لهم وإبعادهم إلى المغرب، حيث أقدمت في عام 1983م مثلا على طرد 1500 مغربي، ومنع دخولهم من جديد. وفي أكتوبر 1985م بدأت إسبانيا في تطبيق قانون الأجانب المقيمين بالمدينتين، والذي يعتبر المغاربة هناك أجانب فوق الأراضي الإسبانية، وعلق أحد الكتاب الإسبان على هذا القانون قائلا: \" لقد وضعت إسبانيا مغاربة المدينتين في موقف حرج للغاية، إما أن يقبلوا أن يصبحوا أجانب على أرضهم المغتصبة، أو يتم ترحيلهم وراء الحدود \"، وأدى ذلك إلى انتفاضات في صفوف المغاربة المسلمين خلفت سقوط شهداء في صفوفهم في يناير 1987م وهي السنة التي طرح فيها الحسن الثاني اقتراحا بتكوين خلية مشتركة للحوار بين البلدين حول مستقبل المدينتين، لكن مدريد رفضت الإقتراح.

سيناريوهات المواجهة

الموقف الإسباني من المدينتين يبقى دائما ممزوجا بالنظرة الغربية النصرانية للعالم الإسلامي، فرغم أمد الإحتلال الطويل، فإن الإسبان ينظرون إلى المدينتين نظرة الشك والإرتياب باعتبارهما خطرا إسلاميا محتملا، سواء جاء هذا الخطر من الداخل، من السكان المسلمين، الذين يعبرون بين الحين والآخر عن رفضهم لواقع الإحتلال، أو جاء من المغرب.وفي جميع الأحوال، فإن الخطر يتمثل لدى الإسبان في إمكان ربط مطلب استعادة أو تحرير المدينتين بالخلفيات الصليبية، وإعطائه أبعادا دينية. ويطلق الإسبان على المغاربة المقيمين في المدينتين \" المورو \" وهي تسمية مأخوذة من كلمة \" موريسك \" التي تعني في القاموس الإسباني بقايا المسلمين من عهد سقوط الأندلس، غير أنهم حرفوها ليصبح معناها\" المسلم\" أو العربي، وأضافوا كلمة أخرى هي\"مالو\" التي تعني الشرير ليصبح معنى عبارة\"مورو مالو\" هو \" المسلم الشرير\"، بل إن قديس إسبانيا هو \" سانتو ياجو ماتا موروس \" أي القديس \" ياجو \" قاتل الموروس \" جمع مورو \".

هذه الخلفية الدينية هي الثابتة في النظرة الإسبانية إلى المغرب والسكان المسلمين في المدينتين، وتبقى مشحونة بكل نزعات الكراهية نحو الإسلام والمسلمين، وتحكم الإستراتيجية الإسبانية حيال مصير ومستقبل المدينتين.ويرى الإسبان أن المغرب يمثل الإمتداد الطبيعي للإستعمار الإسباني بعد أن ضيعت لإسبانيا إمبراطوريتها في أمريكا، وقد أظهر استطلاع للرأي أنجز في إسبانيا عام 1996م أن 62% من الإسبان يعتقدون أن البلد الذي يشكل خطرا عليهم هو المغرب، وقال 71% من المستجوبين إن الخطر الرئيسي ينبعث من المغرب العربي.

ويعتقد الخبراء العسكريون والسياسيون الإسبان أن الحرب مع المغرب بسبب المدينتين قد تهدد الأمن في منطقة البحر الأبيض المتوسط نظرا للأبعاد الدينية والحضارية التي يمكن أن تنشأ عن هذا النزاع.ففي أوائل الثمانينيات أصدر صحافي إسباني يدعى \" داو منغوديلبينو\" كتابا عنوانه \" المغرب وإسبانيا أو الحرب العالمية الثالثة \" أكد فيه أنه بالرغم من المظاهر الإيجابية للعلاقات بين مدريد والرباط، فإن شبح الحرب بسبب النزاع حول مدينتي سبتة ومليلية أمر لا يمكن تجاوزه، لاسيما أن هذه الحرب قد تورط أطرافا ثالثة بحكم انتماء المغرب إلى العالم العربي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير