تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أولاً – أصدرت الحكومة البريطانية في 22 يونيو 1932 كتاباً أبيض اشتمل على (دستور) لفلسطين، وعلى السياسة العامة التي تعتزم الحكومة البريطانية اتباعها، وقد بنتها على أساس الانتداب وتصريح بلفور. ونص ذلك الكتاب على تشكيل مجلس تشريعي لفلسطين من 22 عضواً، منهم 10 من الموظفين الإنجليز يعينهم المندوب السامي، و8 من المسلمين و2 من المسيحيين و2 من اليهود ينتخبهم الأهلون على أن يكون المندوب السامي رئيس للمجلس، وله حق النقض (الفيتو) وأن لا يكون للمجلس الحق في التعرض لمبدأ الانتداب أو الوطن القومي اليهودي والهجرة اليهودية إلى فلسطين أو شؤون فلسطين المالية! واجتمع المؤتمر الفلسطيني الخامس في أغسطس 1922 في نابلس واشترك فيه ممثلو الشعب الفلسطيني، وبعد بحث دقيق للأوضاع السياسية ودراسة عميقة للكتاب الأبيض، قرر المؤتمر بالإجماع عدم التعاون مع الحكومة البريطانية، على أساس الكتاب الأبيض المذكور والدستور الجديد، ورفض مشروع المجلس التشريعي.

وكان من الأسباب الرئيسية التي حملت المؤتمر على اتخاذ ذلك القرار ما يلي:

أ- أن عرب فلسطين كانوا يطالبون باستقلال بلادهم كسائر الأقطار العربية، لأن الاستقلال حق لكل شعب، وقد اعترفت بذلك الحق مبادئ الرئيس ولسون والمادة 22 من ميثاق عصبة الأمم، والعهود المعروفة التي قطعها الإنجليز والحلفاء سنة 1916 للبلاد العربية، ومنها فلسطين، بالاستقلال الكامل وليس في المشروع المعروض شيء من الاستقلال. ب- أن الدستور ومشروع المجلس بنيا على أساس الانتداب وتصريح بلفور، فقبولهما يعني القبول بالانتداب وإنشاء الوطن اليهودي والاعتراف بهما. ج- ليس للمجلس التشريعي سلطات واسعة، ولا يجوز له بحث مسألة الهجرة اليهودية والانتداب. د- أن ذلك المجلس لا يمثل البلاد تمثيلاً صحيحاً، حيث يعطي العرب (وكانوا يؤلفون 91% من مجموع السكان) عشرة أعضاء من أثنين وعشرين، بينما يعطي الإنجليز وحدهم 10 عدا الأعضاء اليهود. هـ- أن المشروع أعطى المندوب السامي البريطاني حق (الفيتو) على جميع مقرراته. وعلى الرغم من قرار العرب الاجماعي دعت حكومة الانتداب إلى إجراء انتخابات للمجلس في فبراير سنة 1923 فقاطعها العرب مقاطعة تامة. ثانياً: ثم قدمت الحكومة البريطانية (عرضاً) آخر، في مارس 1923 وهو تعيين مجلس استشاري من 10 أعضاء بريطانيين و8 من المسلمين و2 من المسيحيين و2 من اليهود. ورفض العرب هذا المشروع الهزيل الجديد، ورفض الأعضاء المسلمون والمسيحيون الذين عينتهم الحكومة البريطانية قبول ذلك التعيين. ثالثاً: وفي 13 أكتوبر 1923 عرض المندوب السامي السير هربرت صمويل على العرب تأليف وكالة عربية فرفض العرب هذا العرض أيضاً لأن قبوله ينطوي على اعترافهم بالانتداب وتصريح بلفور، ولأنها ليس لها من السلطة ما يحقق مطالب العرب الاستقلالية. هذه هي (العروض) أو الحلول التي عرضها الإنجليز على عرب فلسطين ورفضوها. أما وقد بينا حقيقة تلك العروض، فهل كان يجوز لأي عربي أن يقبل بها ويرضى بالتعاون على أساسها؟ وفي دورتين لعصبة الأمم (1924 – 1925) نوقشت الحكومة البريطانية بشأن عدم تأسيس مجلس تشريعي في فلسطين، فأجاب بمثلها بصراحة وجلا – بأنه "لا يمكن إنشاء مجلس تشريعي في فلسطين يكون العرب فيه ممثلين حسب عددهم، لأن ذلك يحول بين الحكومة المنتدبة وتنفيذ الواجبات المتعلقة بإنشاء الوطن القومي اليهودي. ومما هو جدير بالذكر أن الذي وضع ذلك الكتاب الأبيض لعام 1922 والسياسة التي انطوى عليها ومشاريع المجلس التشريعي والمجلس الاستشاري والوكالة العربية كان ونستون تشرشل وزير المستعمرات البريطانية حينئذ. وتشرشل هذا يعرفه العالم العربي حق المعرفة، وقد أعلن مراراً أنه يعتبر نفسه صهيونية أصيلاً، وأنه يصلي بحرارة لأجل تحقيق أماني الصهيونية العظيمة. وقد ساعده في خططه المندوب السامي البريطاني على فلسطين، السير هربرت صمويل، وهو يهودي. وفي الوقت نفسه كان يشغل وظيفة السكرتير القضائي في حكومة الانتداب (وفي بدء سلطة التشريع وسن القوانين) يهودي آخر هو المستر نورمان بنتويش. وهكذا كان ذلك الكتاب الأبيض، ومشاريع المجلس التشريعي والمجلس الاستشاري، من أخبث ما أنتجه الاستعمار والصهيونية، فقد أصدره مثلث صهيوني رأسه تشرشل وقاعدته

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير