تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هو الذي خلق السماوات و الأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش يعلم ما يلج في الأرض و ما يخرج منها و ما ينزل من السماء وما يعرج فيها وهو معكم أينما كنتم و الله بما تعملون بصير ? ()

" و ليس معنى قوله (وهو معكم) أنه مختلط بالخلق. فإن هذا لا توجبه اللغة، وهو خلاف ما أجمع عليه سلف الأمة و خلاف ما فطر الله عليه الخلق، بل القمر آية من آيات الله من أصغر مخلوقاته. و هو موضوع في السماء. وهو مع المسافر و غير المسافر أينما كان.

وهو سبحانه فوق العرش رقيب على خلقه، مهيمن عليهم، مطلع عليهم إلى غير ذلك من معاني ربوبيته ".

" وكل هذا الكلام الذي ذكره الله: من أنه فوق العرش. وأنه معنا: حق على حقيقته. لا يحتاج إلى تحريف، و لكن يصان عن الظنون الكاذبة ".

والسؤال الأول قال بعضهم: نفر باللفظ الوارد، مثل حديث العباس ? حديث الأوعال " والله فوق العرش " ولا نقول: فوق السماوات. ولا نقول: على العرش.

وقالوا أيضاً، نقول: الرحمن على العرش استوى ? ولا نقول: الله على العرش استوى. ولا نقول: مستو.

وأعاد هذا المعنى مراراً - أي أن اللفظ الذي ورد، يقال اللفظ بعينه، ولا يبدل بلفظ يرادفه، ولا يفهم له معنى أصلا، ولا يقال: إنه يدل على صفة الله أصلا.

وانبسط الكلام في هذا المجلس الثاني، كما سنذكره إن شاء الله تعالى.

والسؤال الثاني: قالوا التشبيه بالقمر: فيه تشبيه كون الله في السماء يكون القمر في السماء.

والسؤال الثالث: قالوا: قولك: " حق على حقيقته " الحقيقة هي المعنى اللغوي. ولا يفهم من الحقيقة إلا استواء الأجسام وفوقيتها. ولم تضع العرب ذلك إلا لها، فإثبات الحقيقة: هو محض التجسيم، ونفي التجسيم مع هذا تناقض، أو مصانعة.

فأجبتهم عن الأسئلة: بأن قولي: " اعتقاد الفرقة الناجية " هي الفرقة التي وصفها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - بالنجاة، حيث قال: " تفترق أمتي على ثلاث و سبعين فرقة ثنتان وسبعون في النار، وواحدة في الجنة، وهي من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي ".

فهذا الاعتقاد هو المأثور عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وأصحابه وهم ومن اتبعهم: الفرقة الناجية.

فإنه قد ثبت عن غير واحد من الصحابة أنه قال: " الإيمان يزيد و ينقص ".

وكل ما ذكرته في ذلك فإنه مأثور عن الصحابة بالأسانيد الثابتة. لفظه أو معناه، وإذا خالفهم من بعدهم، لم يضرني ذلك.

ثم قلت لهم: وليس كل مخالف في شيء من هذا الاعتقاد يجب أن يكون هالكا. فإن المنازع قد يكون مجتهداً مخطئا، يغفر الله له خطأه. وقد لا يكون بلغه في ذلك من العلم ما تقوم به عليه الحجة. وقد يكون من الحسنات ما يمحو الله به سيئاته. وإذا كانت ألفاظ الوعيد المتناولة له لا يجب أن يدخل فيها المتأول، و التائب، وذو الحسنات الماحية و المغفور له وغير ذلك. فهذا أولى. بل موجب هذا الكلام: أن من اعتقد ذلك بجا في هذا الاعتقاد، ومن اعتقد ضده فقد يكون ناجيا، وقد لا يكون ناجيا. كما قال: " من صمت نجا ".

وأما السؤال الثاني: فأجبتهم، أولا: بأن كل لفظ قلته، فهو مأثور عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -، مثل لفظ " فوق السماوات " و لفظ " على العرش " و " فوق العرش ".

وقلت: اكتبوا الجواب، فأخذ الكاتب في كتابته.

ثم قال بعض الجماعة: قد طال المجلس اليوم. فيؤخر هذا إلى مجلس آخر.

فتكتبون أنتم الجواب. وتحضرونه في ذلك المجلس.

وأشار بعض الموافقين: بأن يتمم الكلام بكتابة الجواب، لئلا تنتشر أسئلتهم واعتراضهم.

وكأن الخصوم كان لهم غرض في تأخير كتابة الجواب، ليستعدوا لأنفسهم و يطالعوا، و يحضروا من غاب من أصحابهم، و يتأملوا العقيدة فيما بينهم ليتمكنوا من الطعن و الاعتراض.

فحصل الاتفاق على أن يكون تمام الكلام يوم الجمعة.

وقمنا على ذلك.

وقد أظهر الله من قيام و بيان المحجة ما أعز الله به السنة و الجماعة، و أرغم به أهل البدعة و الضلالة؛ و في نفوس كثير من الناس أمور لما يحدث في المجلس الثاني.

وأخذوا في تلك الأيام يتأملونها، و يتأملون ما أجيب به في مسائل تتعلق بالاعتقاد، مثل المسألة الحموية في الاستواء و الصفات الخبرية و غيرها.

فصل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير