قال الشيخ أبو عبد الله: هذا قول القاضي أبي بكر في كتاب " تمهيد الأوائل " له. و قاله الأستاذ أبو بكر بن فورك في " شرح أوائل الأدلة " له و هو قول أبي عمر بن عبد البر،1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ - و الطلمنكي، و غيرهما من الأندلسيين، و قول الخطابي في " شعار الدين " ثم قال - بعد أن حكي أربعة عشر قولاً -: " و أظهر الأقوال: ما تظاهرت عليه الآي و الأخبار، و الفضلاء و الأخبار: إن الله على عرشه، كما أخبر في كتابه و على لسان نبيه بلا كيف، بائن من جميع خلقه. هذا مذهب السلف الصالح فيما نقله عنهم الثقات " هذا كله لفظه و قال الشيخ أبو نصر السجزي في كتاب " الإبانة " له:
" و أئمتنا - كسفيان الثوري، و مالك بن أنس، و سفيان بين عيينه، و حماد بن سلمة، و حماد بن زيد، و عبد الله بن المبارك، و فضيل [بن] عياض، و أحمد بن حنبل، و إسحاق بن راهوية - متفقون على أن الله سبحانه بذاته فوق العرش، و أن علمه بكل مكان، و أنه يري يوم القيامة بالأنصار، فوق العرش، و أنه ينزل إلى سماء الدنيا، و أنه يغضب و يرضي، و يتكلم بما يشاء، فمن خالف شيئاً من ذلك فهو منهم برئ و هم منه براء.
وقال أبو عمر بن عبد البر في كتاب " التمهيد " في شرح الموطأ - و هو أجل ما صنف في فنه، لما تكلم على حديث النزول - () قال (): " هذا حديث ثابت من جهة النقل، صحيح الإسناد، لا يختلف أهل الحديث العدول في صحته … و هو حديث منقول من طرق - سوي هذه - من أخبار العدول عن النبي ? و فيه دليل على أن الله في السماء على العرش، من فوق سبع سماوات، كما قالت الجماعة. و هو من حجتهم على المعتزلة في قولهم: إن الله بكل مكان، و ليس على العرش. وقال: و الدليل على صحة ما قال أهل الحق: قول الله:
. الرحمن على العرش استوى.
و قال
. إليه يصعد الكلم الطيب.
وقال
.تعرج الملائكة و الروح إليه.
وقال لعيسى
. إني متوفيك ورافعك إلي.
وذكر آيات إلى أن قال: وهذا أشهر عند العامة و الخاصة من أن يحتاج إلى أكثر من حكايته. لأنه اضطرار، لم يوافقهم عليه أحد، و لا خالفهم فيه مسلم - و بسط الكلام في ذلك إلى أن قال: و أما احتجاجهم بقوله تعالى:. ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم، و لا خمسة إلا هو سادسهم، و لا أدنى من ذلك و لا أكثر إلا هو معهم أينما كانوا.
فلا حجة لهم في ظاهر الآية، لأن علماء الصحابة و التابعين الذين حمل عنهم التأويل قالوا في تأويل هذه الآية: هو على العرش. وعلمه في كل مكان، و ما خالفهم في ذلك أحد يحتج بقوله. وذكر عن الضحاك ابن مزاحم أنه قال في قوله:
. ما يكون من نجوى ثلاثة.
قال: هو على عرشه. و علمه معهم أينما كانوا. و عن سفيان الثوري مثل ذلك. وعن ابن مسعود قال: الله فوق العرش. و لا يخفي عليه شيء من أعمالكم.
قال أبو عمر بن عبد البر: *
أهل السنة مجمعون على الإقرار بالصفات الواردة كلها في القرآن و السنة، و الإيمان بها و حملها على الحقيقة لا على المجاز، إلا أنهم لا يكيفون شيئاً من ذلك، و لا يجدون فيه صفة محصورة. و أما أهل البدع الجهمية و المعتزلة كلها و الخوارج: فكلهم ينكرها، و لا يحمل شيئاً منها على الحقيقة. و يزعمون أن من أقربها مشبه. وهم عند من أقر بها نافون للمعبود. و الحق فيما قاله القائلون بما نطق به كتاب الله و سنة رسوله. و هم أئمة الجماعة.
و قال أبو عمر: " الذي عليه أهل السنة و أئمة الفقه و الأثر في هذه المسألة و ما أشبهها: الإيمان بما جاء عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - فيها، و التصديق بذلك، و ترك التحديد و الكيفية في شيء منه ".
وقال الشيخ العارف أبو محمد عبد القادر بن أبي صالح الكيلاني في كتاب " الغنية " له: أما معرفة الصانع بالآيات و الدلالات على وجه الاختصار: فهو أن نعرف و نتيقن أن الله واحد أحد - إلى أن قال - و هو بجة العلو ()، مستو على العرش، محتو على الملك، محيط علمه بالأشياء.
قال " و لا يجوز و صفه بأنه في كل مكان، بل يقال: إنه في السماء على العرش، كما قال سبحانه. الرحمن على العرش استوى.
¥