وَإِنْ أَدْرِي لَعَلَّهُ فِتْنَةٌ لَكُمْ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ (111)
قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ (112)
*****
وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
ـ[صابر عباس حسن]ــــــــ[16 Sep 2010, 10:19 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مع الجزء السابع عشر من القرآن العظيم
ومبدأ التوحيد
(3)
ومع بعض آيات من سورة الحج
إن حقيقة التوحيد في الإسلام تقوم على مرجعية ثابتة
ألا وهي الوحي الإلهي
أولها كتاب الله القرآن الكريم , ثانيا الأحاديث الصحيحة لرسول الله صلى الله عليه وسلم
وهذه المرجعية أنقذت الإنسان من التخبط والقول بغير علم ,
إن المنهج القرآني يبعد العقل الإنساني عن الوهم
فلا سبيل للعقل البشري للخوض في أمر أكبر من تصوره المحدود
فإن رحمة الله تعالى بنا أن أرسل لنا القرآن الكريم
على خاتم رسله محمد صلوات ربي وسلامه عليه
مبينا آلاء الله تعالى في الكون والأنفس ودلائل التوحيد
فلا مجال للكلام عن توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية وتوحيد الأسماء والصفات
عن مصادر لا تعتمد على القرآن الكريم والسنة المطهرة
ثم الإلتزام بالدراسة الواعية والتفقه في الدين على أيدي علماء متخصصون
قال تعالى: .... فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ ... 122 التوبة
وقال تعالى: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ
أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ -108 يوسف
"قل" لهم "هذه سبيلي" وفسرها بقوله "أدعو إلى" دين "الله على بصيرة" حجة واضحة "أنا ومن اتبعني" آمن بي عطف على أنا المبتدأ المخبر عنه بما قبله "وسبحان الله" تنزيها له عن الشركاء "وما أنا من المشركين" من جملة سبيله أيضا
وقال تعالى: أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الألباب – 9 الزمر
"قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون" أي لا يستويان كما لا يستوي العالم والجاهل "إنما يتذكر" يتعظ "أولو الألباب" أصحاب العقول
وبناء على ما تقدم من دلائل واضحة لاتقبل الوهم أو التخبط ,
تكون عقيدة التوحيد في الإسلام واضحة لا غموض فيها ولا تخبط ولا قول بغير علم ودليل ,
ونعود إلى أيات سورة الحج التي تؤكد هذا المعنى
وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ (3)
كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلَى عَذَابِ السَّعِيرِ (4)
وفي تفسير الجلالين
نزلت هذه الآيات في النضر بن الحارث وجماعته "ومن الناس من يجادل في الله بغير علم"
قالوا: الملائكة بنات الله والقرآن أساطير الأولين وأنكروا البعث وإحياء من صار ترابا
"ويتبع" في جداله "كل شيطان مريد" أي متمرد
ولكنها تنطبق على كل إنسان يتكلم بغير علم
فالعبرة بعموم اللفظ وليس بخصوص السبب
******
والمتأمل للآيات التالية يدرك مدى أهمية
الدلائل التي وردت في القرآن العظيم لبيان حقيقة البعث
يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنْ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الأَرْحَامِ مَا نَشَاءُ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (5)
ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (6)
وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيهَا وَأَنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (7)
*****
وَمِنْ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدًى وَلا كِتَابٍ مُنِيرٍ (8) ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ (9)
ومن الكفار مَن يجادل بالباطل في الله وتوحيده واختياره رسوله صلى الله عليه وسلم وإنزاله القرآن، وذلك الجدال بغير علم، ولا بيان، ولا كتاب من الله فيه برهان وحجة واضحة، لاويًا عنقه في تكبر، معرضًا عن الحق؛ ليصد غيره عن الدخول في دين الله، فسوف يلقى خزيًا في الدنيا باندحاره وافتضاح أمره، ويوم القيامة يلقى في عذاب الحريق.
******
أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاء -18ُ
وفي تفسير الجلالين
"ألم تر" تعلم "أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب" أي يخضع له بما يراد منه "وكثير من الناس" وهم المؤمنون بزيادة على الخضوع في سجود الصلاة "وكثير حق عليه العذاب" وهم الكافرون لأنهم أبوا السجود المتوقف على الإيمان "ومن يهن الله" يشقه "فما له من مكرم" مسعد "إن الله يفعل ما يشاء" من الإهانة والإكرام.
******
وإلى بقية الجزء إن شاء الله تعالى
¥