تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (41)

مثل الذين جعلوا الأوثان من دون الله أولياء يرجون نصرها, كمثل العنكبوت التي عملت بيتًا لنفسها ليحفظها, فلم يُغن عنها شيئًا عند حاجتها إليه, فكذلك هؤلاء المشركون لم يُغْن عنهم أولياؤهم الذين اتخذوهم من دون الله شيئًا, وإن أضعف البيوت لَبيت العنكبوت, لو كانوا يعلمون.

****

من الدلالات العلمية للنص الكريم

في بحث للدكتور زغلول النجار

أولا: الإشارة إلي العنكبوت بالإفراد:

وتسمية السورة الكريمة بصياغة الإفراد (العنكبوت) يشير إلي الحياة الفردية لهذه الدويبة فيما عدا لحظات التزاوج , وأوقات فقس البيض , وذلك في مقابلة كل من سورتي النحل والنمل والتي جاءت التسمية فيها بالجمع للحياة الجماعية لتلك الحشرات.

ثانيا: في قوله تعالى (اتخذت بيتاً)

في هذا النص القرآني الكريم إشارة واضحة إلي أن الذي يقوم ببناء البيت أساساً هي أنثي العنكبوت , وعلى ذلك فإن مهمة بناء بيت العنكبوت هي مهمة تضطلع بها إناث العناكب التي تحمل في جسدها غدد إفراز المادة الحريرية التي ينسج منها بيت العنكبوت. وإن اشترك الذكر في بعض الأوقات بالمساعدة في عمليات التشييد , أو الترميم , أو التوسعة , فإن العملية تبقي عملية أنثوية محضة , ومن هنا كان الإعجاز العلمي في قول الحق (تبارك وتعالى): اتخذت بيتا.

ثالثا: في قوله تعالى (إن أوهن البيوت لبيت العنكبوت ... )

هذا النص القرآني المعجز يشير إلي عدد من الحقائق المهمة التي منها

(1) الوهن المادي - أن بيت العنكبوت هو من الناحية المادية البحتة أضعف بيت على الإطلاق , لأنه مكون من مجموعة خيوط حريرية غاية في الدقة تتشابك , مع بعضها البعض تاركة مسافات بينية كبيرة في أغلب الأحيان , ولذلك فهي لا تقي حرارة شمس , ولا زمهرير برد , ولا تحدث ظلاً كافياً , ولا تقي من مطر هاطل , ولا من رياح عاصفة , ولا من أخطار المهاجمين , وذلك على الرغم من الإعجاز في بنائها.

(2) الوهن في بيت العنكبوت وليس في الخيوط

قوله تعالى (إن أوهن البيوت) وهنا إشارة صريحة إلى أن الوهن والضعف في بيت العنكبوت وليس في خيوط العنكبوت وهي إشارة دقيقة جداً فخيوط بيت العنكبوت حريرية دقيقة جدا ً, يبلغ سمك الواحدة منها في المتوسط واحداً من المليون من البوصة المربعة , أو جزءاً من أربعة آلاف جزء من سمك الشعرة العادية في رأس الإنسان , وهي على الرغم من دقتها الشديدة فهي أقوى مادة بيولوجية عرفها الإنسان حتى الآن، وتعتبر الخصلات الحريرية التي تكون نسيج العنكبوت أقوى من الفولاذ، ولا يفوقها قوة سوى الكوارتز المصهور، ويتمدد الخيط الرفيع منه إلى خمسة أضعاف طوله قبل أن ينقطع، ولذلك أطلق العلماء عليه اسم "الفولاذ الحيوي" أو "الفولاذ البيولوجي" أو "البيوصلب"، وهو أقوى من الفولاذ المعدني العادي بعشرين مرة، وتبلغ قوة احتماله 300.000 رطلا للبوصة المربعة، فإذا قدر جدلا وجود حبل سميك بحجم إصبع الإبهام من خيوط العنكبوت فيُمْكِنه حَمل طائرة "جامبو" بكل سهولة.

(3) الوهن المعنوي - أن بيت العنكبوت من الناحية المعنوية هو أوهن بيت على الإطلاق لأنه بيت محروم من معاني المودة والرحمة التي يقوم على أساسها كل بيت سعيد , وذلك لأن الأنثي في بعض أنواع العنكبوت تقضي على ذكرها بمجرد إتمام عملية الإخصاب وذلك بقتله وافتراس جسده لأنها أكبر حجما وأكثر شراسة منه , وفي بعض الحالات تلتهم الأنثي صغارها دون أدني رحمة

رابعا: في قوله تعالى (لو كانوا يعلمون)

هذه الحقائق لم تكن معروفة لأحد من الخلق في زمن الوحي , ولا لقرون متطاولة من بعده , حيث لم تكتشف إلا بعد دراسات مكثفة في علم سلوك حيوان العنكبوت استغرقت مئات من العلماء لعشرات من السنين حتى تبلورت في العقود المتأخرة من القرن العشرين , ولذلك ختم ربنا (تبارك وتعالى) الآية الكريمة بقوله (لو كانوا يعلمون).

*****

قال الله تبارك وتعالى في الحديث القدسي:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير