تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[محمد عز الدين المعيار]ــــــــ[29 Jul 2010, 10:41 ص]ـ

الحلقة الثانية: تفسير آية النور ـ 1

شد النور الناس منذ غابر العصور، لإحساسهم بجماله الفائق، و لاهتدائهم به في الظلمات و المسالك، و تعلقوا بقبة السماء المرصعة بالنجوم و الكواكب، و بكل مضيء مشرق، بحثا عن المدبر الحكيم لهذا الكون الفسيح، و هو نزوع فطري تلقائي نحو الإيمان

قال الله تعالى: {و إذ أخد ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم و أشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين} [الأعراف:172]

لكن الفطرة السليمة تظل بمفردها عاجزة عن الإمساك بالخيط الرفيع الدي يوصلها إلى المعرفة الدقيقة عن ذات الله العلية و صفاته و أفعاله السنية، ما لم تستنر بالوحي المنزل على الرسل، فإذا جاء الوحي، اهتدت و أسلمت لله رب العالمين.

في هذا الإطار يصور لنا القرآن العظيم، ببلاغته المعجزة، و حججه الساطعة الباهرة، خليل الله إبراهيم الخليل عليه الصلاة

والسلام، و هو يناظر قومه من منطلق التجربة و اليقين، مبينا لهم ضلالهم و زيف ما يعبدون من دون الله

{و كدلك نري إبراهيم ملكوت السماوات و الأرض و ليكون من الموقنين (75) فلما جن عليه الليل رءا كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين (76) فلما رءا القمر قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين (77) فلما رءا الشمس بازغة قال هذا ربي هدا أكبر فلما أفلت قال يا قومي إني بريء مما تشركون (78) إني وجهت و جهي للذي فطر السماوات و الأرض حنيفا و ما أنا من المشركين (79) [الأنعام]

و لم يتردد في الاستجابة لأمر الله {إذ قال له ربه أسلم قال أسلمت لرب العالمين} [البقرة:131]

ـ[محمد عز الدين المعيار]ــــــــ[31 Jul 2010, 09:04 م]ـ

الحلقة الثانية: تفسير آية النورـ2

تعاقبت الأجيال تلو الأجيال، بعد إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام، إلى أن بلغت البشرية تمام نضجها، فأشرق نور الإسلام، ببعثة سيد الأنام صل1 رسولا إلى الناس كافة، و خاتما للأنبياء و المرسلين، فانطفأت في العابد النيران، و تحطمت الهياكل و الأوثان، و تبخرت أوهام الشرك و الضلال، و ارتفع صوت الحق مجلجلا في كل مكان، معلنا أنه لا معبود إلا الله، و أنه يتصف بكل جمال و كمال، و يتنزه عن كل عيب و نقصان.

{ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه و هو على كل شيء و كيل (102) لا تدركه الأبصار و هو يدرك الأبصار و هو اللطيف الخبير (103) [الأنعام]

هو خالق السماوات و الأرض و من فيها، يمسكها جميعا بجاذبية تملأ الكون بقدر معلوم

{إن الله يمسك السماوات و الأرض أن تزولا} [فاطر:41]

وهذا الكون الفسيح بكل مافيه، يسبح في أنوار، لا يعلم مداها إلا الله تعالى

و لله في كل تحريكة. . . و في كل تسكينة شاهد

و في كل شيء له آية. . . تدل على أنه واحد

على هذا الأساس فسر الصحابة رض3 قول الله تعالى: {الله نور السماوات و الأرض} فقالوا إنه منورهما، فعن أنس رض1:"إن إلهي يقول:نوري هداي " و قد قرأها بعضهم (الله منور السموات و الأرض) و مثلها قراءة من قرأ (الله نور السموات و الأرض) ـ بفتح النون و الواو المشددة ـ

و هو مدبرهما بحكمة بالغة، و حجة نيرة، كما يوصف القائد الفائق التدبير، بأنه نور القوم، لاهتدائهم به في الأمور، كما قال الشاعر:

و أنت لنل نور و غيث و عصمة. . . و نبت لمن يرجو نداك و ريق

و قال عبد الله بن عباس رض11 هادي أهل السماوات و الأرض، و اختاره الإمام الطبري و عدد من المفسرين.

ـ[محمد عز الدين المعيار]ــــــــ[07 Aug 2010, 02:09 ص]ـ

الحلقة الثانية: تفسير آية النورـ 3

قال ابن عطية و القرطبي و غيرهما:إنه بالله و بقدرته أضاءت السماوات و الأرض، و استقامت أمورها و قامت مصنوعاتها تقريبا للذهن، كما نقول: الملك نور الأمة، أي به قوام أمرها، و صلاح جملتها، لجريان أموره على سنن السداد، فهو في الملك مجاز،

وفي صفة الله عز وجل حقيقة، إذ هو الذي أبدع الموجودات، و خلق العقل نورا هاديا، لأن ظهور الموجود به حصل، كما حصل بالضوء ظهور المبصرات.

كل هذه المعاني و ما في مجراها إنما هي فعل الله، أما النور الذي هو من أوصافه سبحانه، فقائم به و منه اسم النور الذي هو من الأسماء الحسنى تبارك الله لا رب سواه.

ـ[محمد عز الدين المعيار]ــــــــ[11 Aug 2010, 01:32 ص]ـ

الحلقة الثالثة: تفسير آية النورـ 1

بعد أن حلقت الآية , في مجال أسمى معاني النور الإلهي، و ما يفيضه سبحانه على السماوات و الأرض و من فيهما، من هداية وإشراق، عادت لتقرب للإدراك البشري، مدى هدا النور المعقول، في مثل قريب محسوس.

قال الله تعالى: {مثل نوره كمشكاة فيها مصباح}

أي صفة نوره العجيبة الشأن، و نوره القرآن العظيم، كما يعرب عنه ما قبله، من وصف آياته بالإنزال و التبيين، و هذا اختيار كثير من المفسرين قديما و حديثا و هو ما نميل إليه.

و قد كنى الله تعالى عن كتابه و لم يجر له ذكر فقال: {إنا أنزلناه في ليلة القدر} و صرح بكونه نورا في عدد من آي الذكر الحكيم، كقوله عز وجل: {و أنزلنا إليكم نورا مبينا} النساء:174

و عليه فمثل نور الله (أي القرآن) في قلب عبده المومن كمشكاة فيها مصباح، و أعظم عباد الله، و أكثرهم نصيبا من هذا النور، رسول الله صل1، بل إن القرآن لم ينزل على الناس مباشرة، و إنما نزل أولا على رسول الله صل1، و منه أشرق على العالمين، و قد سماه الله تعالى سراجا منيرا لأنه صل1 منور الظاهر منور الباطن، شرح الله صدره مرتين أولاهما في صباه، وأخرى ليلة الإسراء و المعراج، فكان على أتم استعداد، لتقبل الوحي و حمل الرسالة، و لرؤية ما رأى من آيات ربه الكبرى.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير