تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[محمد عز الدين المعيار]ــــــــ[11 Aug 2010, 12:10 م]ـ

الحلقة الثالثة: تفسير آية النور ـ 2

قال تعالى: {مثل نوره كمشكاة فيها مصباح} الآية

أي كمصباح في مشكاة، و إنما قدم المشكاة في الذكر،لأن المشبه به هو مجموع الهيئة، فاللفظ الدال عليه، هو مجموع الهيئة، فاللفظ الدال عليه هو مجموع المركب المبتدئ بقوله عز من قائل {كمشكاة} و المنتهي بقوله جل ذكره {و لم تمسسه نار} و المثل هنا ليس تماثلا، و ما أحسن قول أبي تمام في مدح الأمير أحمد بن المعتصم العباسي:

إقدام عمرو في سماحة حاتم. . . في حلم أحنف في ذدكاء إياس

و لما قال له يعقوب بن إسحاق الكندي، و كان حاضرا: الأمير أكبر في كل شئ ممن شبهته به، رد على البديهة:

لا تنكروا ضربي له من دونه. . . مثلا شرودا في الندى و الباس

فالله قد ضرب الأقل لنوره. . . مثلا من المشكاة و النبراس

و المشكاة هي الكوة أو الفرجة غير النافذة يوضع فيها المصباح، فتجمع نوره، و تعكس أشعته و توجهها فيما يشبه اليوم الأضواء الأمامية للسيارات.

و لم تات كلمة {مشكاة} في القرآن كله في غير هذه الآية، و مثلها فيما سيأتي: {الزجاجة} و {الكوكب الدري}

و في مسند الإمام أحمد رح1 عن أم سلمة رض11 أن جعفر بن أبي طالب رض1 لما قرأ على النجاشي ملك الحبشة، صدرا من سورة مريم بكى و بكى أساقفته ثم قال:إن هدا و الله و الدي جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة

و المشكاة على مستوى رسم القرآن جاءت في المصحف بالواو على الأصل {المشكوة} بدل الألف و مثلها: الصلوة و الزكوة والحيوة إلى ثمانية أحرف قال عنها أبو العباس أحمد ابن البناء المراكشي رح1 {ت721هـ}: هي جوامع قواعد الشريعة و مفاتح أبواب العلم، و ضروب الفقه، وهي باطنة و ظاهرة، فالصلاة ـ مثلا ـ هي طهارة البدن الباطن و الظاهر، و هي قاعدة الدين، و مفتاح ذكر رب العالمين، و المشكاة هي قاعدة الهداية، و مفتاح الولاية، قال الله تعالى في الآية: {يهدي الله لنوره من يشاء}

و المصباح عبارة عن سراج، يشتمل على زيت و فتيل يغمس فيه من أحد طرفيه، فيسري الزيت إلى الطرف الآخر الدي يكون في أعلى، فإذا اشتعل و أضاء.

و في إعادة لفظه في الآية، تفخيم له و تنويه به، لأنه أعظم أركان التمثيل تليه في ذلك الزجاجة.

ـ[محمد عز الدين المعيار]ــــــــ[12 Aug 2010, 05:42 ص]ـ

الرجاء من الإخوة المشرفين ـ مشكورين ـ تصحيح قوله تعالى في السطر الرابع من هذه المشاركة الأخيرة: (وقد كتبت: و لو تمسسه نار) و الصواب: {و لو لم تمسسه نار}

ـ[محمد عز الدين المعيار]ــــــــ[14 Aug 2010, 03:02 ص]ـ

الحلقة الثالثة: تفسير آية النورـ 3

قال الله تعالى: {المصباح في زجاجة} المصباح ـ كما تقدم ـ عبارة عن سراج، يشتمل على زيت و فتيل يغمس فيه من أحد طرفيه، فيسري الزيت إلى الطرف الآخر الذي يكون في أعلى، فإذا أوقد اشتعل و أضاء.

و في إعادة لفظه في الآية، تفخيم له و تنويه به، لأنه أعظم أركان التمثيل تليه في ذلك الزجاجة، التي تحيط بالمصباح، فتقيه الريح و تعطي لنوره قوة و إشراقا.

{الزجاجة كأنها كوكب دري} نسبة إلى الدر لفرط تلألئه و شفافيته، و قريء في السبع أيضا بالمد و الهمز من الدرء و هو الدفع، لأنه يدفع الظلام بنوره، كما قريء بضم الدال و الهمز و المد بمعنى الدفع كذلك.

و تشيبه الوجاجة بالكوكب الدري، و زيادة في صفة نور المصباح، و مبالغة في نعت إشراقه و تألقه.

و بعد أن ارتقت الآية من الزجاجة إلى الكوكب الدري، عادت من جديد إلى المصباح فوصفته بأنه: {يوقد من من شجرة مباركة زيتونة} و قريء كذلك {توقد} و صيغة المضارع على هاتين القراءتين، تفيد تجدد الإيقاد، قال الطبرسي في مجمع البيان:" و من قرأ {توقد}، كان فاعله المصباح،لأن المصباح هو الذي توقد، قال امرؤ القيس:

سموت إليها و النجوم كأنها. . . مصابيح رهبان نشت لقفال

كما قريء ـ في السبع دائما ـ {توقد} بفتح التاء و الواو و تشديد القاف و فتح الدال، بصيغة المضي الذي يفيد ثبوت الإيقاد و تحققه.

و المراد بالإيقاد ما يمد به المصباح من زيت شجرة، فحذف المضاف، يدل على ذلك قوله تعالى: {يكاد زيتها يضيء}

ـ[محمد عز الدين المعيار]ــــــــ[15 Aug 2010, 09:36 م]ـ

الحلقة الرابعة: تفسير آية النورـ 1

قال الله تعالى: {يوقد من شجرة مباركة زيتونة}

الشجرة هي شجرة الزيتون، و في إبهامها و وصفها بالبركة ثم الإبدال عنها، تفخيم لشأنها و هي مباركة جليلة، جمة المنافع

قال تعالى: {و شجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن و صبغ للآكلين} [المومنون:20]

و أقسم سبحانه بالزيتون فقال: {و التين و الزيتون و طور سنين و هدا البلد الأمين} الآيات

ثم قال عز من قائل: {لا شرقية و لا غربية} أي إنها زيتونة جهتها بين جهتي الشرق و الغرب، تنبت في أرض جيدة مباركة، كأرض الشام الموسومة بالبركات، لكونها مبعث الأنبياء و كفاتهم أحياء و أمواتا ـ على حد تعبير القاضي البيضاوي في تفسيره ـ قد أخذت من الشمس بأوفى نصيب، فصفا بدلك زيتها و تلألأ.

{يكاد زيتها يضيء و لو لم تمسسه نار} يضيء بنفسه من غير مساس نار أصلا، لصفائه و تلألئه و فرط لمعانه،، و لما فيه من قابلية قوية للاشتعال، و بدلك تتحقق له الإضاءة على كل حال، مسته نار أو لم تمسسه نار، و هذا تشبيه بالغ غاية الروعة و الجمال.

كما أن هذا الانتقال من الزيتونة إلى الزيت الصافي، ترك للعقل استكمال المراحل التي يمر منها الزيتون بعد نضجه ثم جنيه إلى أن يصبح زيتا، لأنه لا داعي لذكر ذلك في التمثيل.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير