تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

2 - مقام العبودية مقام عظيم يشرف به الإنسان , والانتساب إلى الله لا يليق إلا بالأحرار من الناس , وقد سمّى الله رسوله r عبده) في أشرف مقاماته , فقال تعالى:) الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَى عَبْدِهِ الْكِتَابَ ((الكهف:1)، وقال تعالى:) سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً ((الإسراء:1) , فسماه عبدا عندما أنزل عليه الكتاب , وسماه عبدا عندما أسرى به , وسماه عبدا عند قيامه بالدعوة، فقال تعالى:) وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدا ((الجن:19).

وقد أرشد الله رسوله r إلى القيام بالعبادة في الوقت الذي ضاق صدره من تكذيب المخالفين له، فقال تعالى:) وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ((الحجر: 97 - 99).

3 - العبادة تنشئ الإنسان المستقيم بتطبيقه لتعاليم الله , والمتوازن الذي يعمل لدنياه كما يعمل لآخرته , والذي يلبي حاجاته الجسدية كما يلبي حاجاته الروحية.

4 - العبادة تربط القلب البشري بالله , وهذا هو مفرق الطريق بين المنهج التربوي الإسلامي وبين غيره من المناهج التربوية البشرية , التي تربط القلب البشري ببقعة من الأرض أو بفرد معين من الناس أو بأسطورة من الأساطير , وهذا الرابط يصبغ عمل الإنسان وفكره وشعوره بصبغة معينة. ومن هنا يتبين نموذج من الإعجاز التربوي للقرآن الكريم كما تقدم وكما سيأتي إن شاء الله.

5 - العبادة تربي الإنسان على القوة، وعلى مقاومة الضعف البشري المتمثل بالأهواء البشرية التي خلقها الله في الإنسان , قال تعالى:) وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفاً ((النساء: من الآية28) , فالعبادة تعطي الإنسان قوة الضبط والاعتدال في مواجهة ما يجول بداخله من الأهواء والشهوات , إنها قوة التسامي على هذه الأهواء.

6 - العبادة تزكي النفس البشرية وتطهرها وتشذبها , وما لم يحصل ذلك فإنّ الهدف من العبادة لم يتحقق , فإذا زكت النفس وسمت وتطهرت فاضت بالخير والبذل والتضحية على من حولها، وهذا هو الأثر الاجتماعي للعبادة.

7 - ومن أخطر ما ابتليت به الأمة المسلمة ذلك الفصل بين العقيدة والعبادة , وكذلك الفصل بين العبادة وآثارها التربوية والاجتماعية، حيث تحولت العبادة إلى مجرد تجارة يكون هم العابد فيها الحصول على الحسنات، دون تطبيق للمضامين التربوية والاجتماعية لهذه العبادة. [10] ( http://tafsir.net/vb/newthread.php?do=newthread&f=2#_ftn10)

* قاعدة الإعجاز التربوي في الدعاء بالهداية إلى الصراط المستقيم:

معنى هذه الآيات: وفقنا يا الله إلى الطريق المستقيم , طريق الذي أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين , وهو غير طريق المغضوب عليهم ــ الذين عرفوا الحق وحادوا عنه , وغير طريق الضالين ــ الذين لم يعرفوا الحق فهم هائمون في الضلالة.

ولنا مع الدعاء الوقفات التربوية التالية:

1 - الدعاء يعني الحاجة إلى الله ومن ثم اللجوء إليه , والناس محتاجون إلى الله لقوله تعالى:) يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ((فاطر:15).

2 - الدعاء هو العبادة كما قال رسول الله r , وهو تعبير عن العبودية وترجمة عملية للإيمان , فالمؤمن حينما يلجأ إلى الله بالدعاء فهو يعبر عن عبوديته لله , قال تعالى:) وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون ((البقرة:186 (

3 - والدعاء سبيل إلى القوة الحقيقية , لأن المؤمن يدعو الله جل جلاله ليكون له سندا ومعينا وحافظا , ومن كان الله له سندا ومعينا وحافظا فهو حسبه وهو كافيه , ومن هنا نجد أنّ المؤمن لا يقف وحده , ولا يحس بالضياع والقلق والاضطراب والفراغ كما هو الحال في المجتمعات الملحدة , التي وكلها الله إلى نفسها , فكثرت فيها الأمراض النفسية والعقلية وتفشى فيها الانتحار خروجا من اليأس والقنوط والفراغ الروحي.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير