تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

المقصود بجهل الإنسان أن دون هداية من الله ورعاية لهذا الإنسان يبقى جاهلا ولن يقدر على شئ إلا من فضل الله، فلولا أن الله قد أكرمه منذ أن خلقه بأن جعل فيه خاصية التعلم من قدرات عقلية ونفسية يستطيع من خلالها أن يكتسب المعرفة المتنوعه ما استطاع الإنسان أن يتعلم شيئاً.ولقد سمعنا عن أطفال منذ مولدهم عاشوا بين حيوانات أو عاشوا في عزلة عن العالم لم يستطيعوا أن يفقهوا شيئا سواء من اللغة بالحديث أو الكتابة أو غير ذلك وكانت صعوبة في محاولة تدريبهم وحتى أن بعض منهم قد أصيب الدماغ لديهم بالضعف، واكتسب هؤلاء تصرفات البيئة المحيطة بهم من كائنات غير الإنسان، فعلم الإنسان يسبقه جهله، فإذا لم يأخذ الإنسان بسبب العلم والهدى إليه يبقى جاهلا أو ناقصا في علمه، والهداية من الله يبدو أنها نوعان، هداية طوعيه وذلك من خلال قول الله سبحانه (قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى (طه:50 وقوله تعالى (الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ) (السجدة: من الآية7 فالإنسان مسير من الله لهذه الهداية وغير محاسب عليها.

وهداية اختيارية بإرادة المخلوق وهذه لا تكون إلا للإنسان العاقل المكلف صاحب الإرادة والإختيار وهي من سيحاسب عليها الإنسان عند ربه، وإذا لم يهتدي إلى طريق الحق والنور يبقى في ظلمات الجهل مهما ارتفع في علمه الدنيوي.قال تعالى {إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا} الإنسان (3)

وقال تعالى (وهديناه النجدين} البلد (10) وقال تعالى {فألهمها فجورها وتقواها} الشمس (8)

وآثار هداية الله للإنسان لاكتسابه المعرفة كثيرة سواء كانت هداية طوعية من إرادة الله أو هداية اختيارية بإرادة الإنسان المكلف، حيت تبدأ منذ أن سخر الله سبحانه باجتماع الزوجين وتشكيل النطفة ثم العلقة في رحم المرأة، ثم هداية هذه العلقة بتعليمها من أين تأتي بالتغذية وأسباب الحياة، حيث هديت للتعلق بجدار الرحم لكسب الغذاء. ثم من هدى الجنين لحركات يتدرب عليها عند خروجه للرضاعة وغيرها، ومن هداه أن يلتقم ثدي والدته لنيل التغذية المكون بقدرة إلهية، من علمه أن يميز أمه ويعرف رائحتها من بين كل النساء.

ثم انظر إلى نمو ذلك الطفل كيف يكون جاهلا لا يعرف كيف يحمي نفسه ولا يقوى على شئ، فهو محتاج في كل شئ إلى التدريب والتعليم حتى يكتسب مهارات الحياة، فانظر إليه بعد أشهر قليله من مولده كيف يبدأ الحبو والتحرك ليمسك بالأشياء ويتذوقها بلسانه دون أن يميز شيئا، فهذه مرحلة النمو في الطفوله المبكره تسمى المرحله الحس حركية، ثم بعد سنتان يبدأ الطفل بالأسئلة الكثيرة لمن حوله عن كل شيئ من جعل فيه هذا الدافع للمعرفة والسؤال سوى الله، ثم يتفتح الخيال الواسع لدية ويبدأ بالتصورات والأسئلة التي تظهر مدى إبداع الإنسان لو استخدم خياله، ثم انظر كيف يبدأ الطفل بعد ثلاثة سنوات بجمع حصيلة لغوية حتى يكتسب اللغة، فيبدأ بالحديث بالكلمات التي تعلمها دون نطق سليم، ثم بعد سنتان أو أكثر يبدأ الطفل بنطق الكلمات بصورة أفضل مما كان عليه ويبدأ يعبر عن نفسه بوضوح، ثم انظر في مرحلة ما قبل المراهقة كيف تبدأ معالم شخصيته بالظهور من خلال ما علمه من مفاهيم وشكله من علاقات، وفي المراهقة يبدأ نضجه الجنسي والعقلي والانفعالي يتشكل وبصورة سريعة فتراه يميز أشياء كثيرة لم يكن يعرفها ويدركها قبل ذلك، ويبدأ بمعرفة مصطلحات ومفاهيم مجردة وتظهر الميول في شخصيته لتبين ما سوف يكون عليه ذلك الطفل وليبدأ تكونه كإنسان عاقل بالغ مكلف أمام الله ومسئول عن كل شئ.

فمن يسر وسخر لهذا المخلوق كل ذلك أليس هو الله، ولولا وجود الله لكان الإنسان جهولا ضعيفا لا يقدر على شئ.فالإنسان دون الله لا يمكن أن يدرك شيئا أو حتى يكون موجودا في هذا الوجود، ولكن هل كل إنسان يعلم العلم الحقيقي الذي يريده الله ويخرج الإنسان من دائرة الجهل والضلال، أن أنه علم دنيوي فقد يكتسب فيه الإنسان المعرفة في كل العلوم الدنيا ويصل فيه لأعلى مراحل التقدم والتطور ولكنه لا يعلم عن خالقه شيئا ولا ينسب ذلك العلم له بل لقوته العقلية وجهده الذاتي، صحيح أنه اكتسب علما ولكن من سخر له ذلك العلم سوى الله فهو دون تسخير من الله لم يكن يعرف شيئا، والأهم من ذلك إذا فصل ذلك العلم عن المعرفة بالله

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير