تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال تعالى (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ (30) وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلَاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (31) قَالُوا سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ (32) قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ (33) البقرة

حتى يصلح ذلك الإنسان ليكون خليفة في الأرض، أعطاه الله سبحانه خاصية القدرة على التعلم واكتساب المعرفة، فوضع فيه القدرات العقلية من خلال وجود العقل والحواس والتي هي أساسية في اكتساب المعرفة من حاسة السمع والبصر والتذوق وغيرها، ثم أعطاه الخصائص الانفعالية التي تشكل الدوافع والحوافز لكسب المعرفة والتي تستثار من البيئة الخارجية من خلال الحواس والمدركات العقلية، فقد أعطى الله لعقل الإنسان القدره على القراءة والفهم والحفظ والتذكر والتحليل والربط والخيال للإبداع في الكون، وذلك لحكمة صلاحيته للخلافة في الأرض، (ولعل قوله في الأرض) ليبن أنه سيخلقه ويجعله من جنس هذه الأرض وخصائصها الطينية، ثم علمه وأعطاه الخصائص القدرات على الكتابة وعلمه طريقة ذلك حتى يحفظ ذلك العلم ويتدارسه، ومن أوائل ما حفظ بالعقول والصدور ثم حفظ بالكتابة بالقلم والتدوين هو كتاب الله (القرآن الكريم) وسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، فدون وجود هذه الخصائص لا يمكن أن يصلح الإنسان لعمارة الأرض وتطويرها، ومن حكمة الله أن جعل الله ذلك للبشرية كافة أو لجنس الإنسان كله، ثم ميزهم بعد ذلك بالهداية والإيمان أو الكفر والضلال من خلال ما وضع فيهم من غرائز وشهوات يحتاج الإنسان منها ما يَبقي على وجوده فجعل الله له منها حظا ونصيبا من خلال ما شرعه وأحله، وكل من اتخذ تلك الشهوات والغرائز مسلكا ومنهجا وأصبحت إلهه وهواه فقد ضلته عن طريق النور والهدايه لتسير به إلى طريق الجهل والضلال، ثم ابتلي الإنسان بالصراع مع الشيطان وهو العدو الأكبر له وهو من سيقوده من خلاله شهواته ونوازعه للشر والفتن فيهلكه، وسلاح العبد لصد ذلك الشيطان هو الإيمان والعلم بالله سبحانه والثبات على طريق الحق، فإن صار العبد مع الله وزاد من معرفته وإيمانه بما عنده وارتقى في طاعته وعبادته فلعله يرتقي بروحه إلى درجة رقي الملائكة فيشرق النور في قلبه وتتفتح له طرق المعرفة واليقين بما عند الله، فلعل حكمة الله في هذه الآيات أن ذكر وجود الملائكة برقيها ونورها، وذكر الشيطان ودناءته وحقارة سلوكه ومسلكه بالشهوات، كي ينبه الإنسان أن الله سيضع فيه من كل منهما ما يتصف به إن اتبع طريق كل منهما، فالرقي بالروح من رقي الملائكة فيقتدي بها، وانحطاط النفس يكون من اتباع شهوات الشيطان ونزغه.

فقال تعالى واصف للإنسان وجهله

إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72) الأحزاب

ما المقصود بالأمانه؟

إنها أمانة العقل والعلم الذي ميز الله سبحانه به الإنسان عن غيره من مخلوقاته وأكرمه به، وأعطاه الإرادة والاختيار في تسخير ما علمه الله فإما يهتدي للهدى والحق أو يهتدي ويختار طريق الباطل والفساد في الأرض، فالعلم والعقل أمانه عظيمة استودعها الله مع كل إنسان مخلوق على هذه الأرض كلفه الله واختاره ليكون خليفة على دينه وشريعته فهل أدى جميع الناس عهدهم وأمانتهم مع الله، أم أنكروا وجحدوا وطغوا في الأرض كثيراً منهم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير